|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إذ يبلغ الإنسان مرحلة المراهقة المبكرة يبدأ يودع الطفولة بلا أسف، لا لشيء إلا لأنه يود أن يمارس حياة البلوغ كما يراها هو. إنه يود تأكيد شخصيته أمام نفسه وعائلته وأصدقائه. فحين يُطالب المراهقون بالالتزام بموعد معين للعودة إلى المنزل أو يتدخل الآباء في اختيار الأصدقاء أو الحدّ من الإطالة في المكالمات التليفونية أو الحث على الدراسة أو اختيار موديلات معينة للملابس أو صف الشعر الخ... مثل هذه التصرفات يحسبها الآباء علامة حب واهتمام بأبنائهم بينما يراها المراهقون إهدارًا لكرامتهم وكيانهم الشخصي، يحسبونها تحطيمًا لحريتهم بل وانتحارا اجتماعيا أقسى من موت الجسد. هذا ما يدفعني للحديث عن "شخصية الشاب"، خاصة في سن المراهقة، وتكامل جوانبها، مع استمرارية نموها. هنا أود توضيح أن شخصية المراهق هي محصَّلة عوامل كثيرة، أهمها: الطبيعة الإنسانية ذاتها خاصة في سن المراهقة، وظروف المجتمع الذي يعيش فيه المراهقون. فمن جهة العامل الثاني، نجد الاختلاف واضحًا بين شخصية المراهق الذي ينشأ في مصر مثلًا عنه في شمال أمريكا. ففي مصر يشعر الآباء بالضرورة الملحة أن يحصل الأبناء على درجات علمية جامعية حتى يستطيعوا اقتحام الحياة العملية، فيدفعونهم على الدراسة ربما على حساب طاقتهم الصحية أو تنمية مواهبهم الفنية وقدراتهم الخاصة، أما في شمال أمريكا حيث إمكانية العمل متوفرة للمواطنين دون الحاجة إلى درجات علمية لذا يعطى الآباء اهتماما خاصًا بتنمية مواهب أبنائهم من سباحة وموسيقى وحب القراءة الخ... الأمور التي تسند أولادهم في سن المراهقة من الانحراف إلى حد ما. هذا الاختلاف بين التربية في البلدين ينعكس على حياة المراهق وتكوينه الشخصي. غير أن عاملًا آخر يشترك فيه المراهقون في العالم كله له أثره العميق على شخصية المراهق، ألا وهو الطبيعة الإنسانية بسمِاتها الخاصة بهذه المرحلة. أقصد بذلك نمو الجسد السريع، وظهور عواطف ومشاعر جديدة، ورغبة في الاستقلال وممارسة الحرية. حقًا يختلف المراهقون فيما بينهم من جهة الدرجة، لكن هذه السَّمات أمر حيوي يمس غالبًا حياة كل المراهقين، حتى ليحسب المراهقون أن الحياة كلها جنس وعاطفة. |
|