28 - 01 - 2023, 02:10 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
الكرم والنسران
1. أُحجية الكرم والنسرين:
طلب الرب من حزقيال النبي أن يحاجٌ بيت إسرائيل بأحجية حملت صورة حيَّة ودقيقة لما تم في السبي الأول ليهوذا وما تبعه من أحداث ومواقف.
قال إن نسرًا عظيمًا كبير الجناحين، كثيف الريش ومتنوع الألوان، كثير المخالب، قد رسم أن يدخل لبنان
وكما يقول العلامة أوريجانوس: [إن وصف النسر هنا يختلف عن بقية النسور من حيث حجمه الضخم وأجنحته الهائلة ومخالبه القوية، كما أنه مخطط للدخول إلى لبنان، يخلع غصون أرز مختارة ويقتلعها ويذهب بها إلى أرض كنعان، مدينة التجار، المحاطة بأسوار... أنه يحمل الزروع إلى الخارج، ليغرسها في حقل قريب من ماءٍ جارٍ .
أوضح الرب إن هذا النسر هو ملك بابل [11]، فهو كبير الجناحين وكثير المخالب رمز لقوة أسلحته وضخامة جيشه. أما كثافة ريشه وتنوع ألوانه فيشيران إلى الممالك الكثيرة التي كانت تحت سيطرته. لقد وضع هذا الملك في قلبه أن يستولي على لبنان التي تُشير إلى مملكة يهوذا.
يقول العلامة أوريجانوس عن نبوخذنصَّر: [لقد كان النسر العظيم، كبير الجناحين، واسع المناكب (حز 17: 3)، إذ تجرأ فقال: "بقدرة يدي صنعت وبحكمتي، لأني فهيم. ونقلت تخوم شعوب، ونهبت ذخائرهم، وحططت الملوك كبطل. فأصابت يدي ثروة الشعوب كعش، وكما يُجمع بيض مهجور جمعت أنا كل الأرض" (إش 10: 13-14)...
لم يكن لهذا النسر العظيم سلطان أن يدخل لبنان... لكنهم إذ أخطأوا عند الرب، انتزعهم هذا النسر العظيم، انتزع فروع الشجرة كلها، ونقلها إلى كنعان حيث يُقال عن أرض البابليين (الملعونيين ككنعان)، إذ يقول نوح: "ملعون كنعان، عبد العبيد يكون لإخوته" (تك 9: 25)].
حوالي عام 597 ق.م. دخل نبوخذنصَّر المدينة المقدسة عاصمة يهوذا (رمزيًا لبنان) بعد أن حاصرها ثمانية عشر شهرًا، فماذا فعل الملك؟
أ. أخذ أعلى فرع في الأرز [3] أو بحسب الترجمة السبعينية فروع الأرز المختارة. فإن كانت شجرة الأرز هنا تُشير إلى بيت داود الملوكي، فإن فرعه المختار أو المرتفع هو الملك يهوياقين مع عائلته الذين حملهم إلى بابل.
ب. قصف رأس خراعيبه [4]، أو رؤوس الأغصان الجديدة ودخل بها إلى مدينة التجار، مشيرًا إلى حصده خيرة الشباب من أصحاب مهارات عالية وأبناء الكهنة والأرستقراطيين وجمعهم في شباكه إلى بابل، وترك لهم كمال الحرية في العمل هناك، فقاموا بأعمال تجارية ضخمة أثناء سبيهم.
ج. أخذ من بذار الأرض وألقاها في الحقل خصيب ورواها بمياه كثيرة فصارت كشجر الصفصاف [5]، يستظل تحتها الكثيرون. نبتت البذار وصارت كرمة منتشرة لكنها قصيرة الساق. مالت أغصانها نحو النسر لتضمه إليها لكن أصولها أو جذورها كانت تحته [6].
ما هذه البذار إلا صدقيا الملك ابن أخ يهوياقين الذي أقامه نبوخذنصَّر ملكًا على يهوذا عوض عمه يهوياكين، فإن نبوخذنصَّر لم يحطم المدينة ولا هدم الهيكل إنما اكتفي بأخذ بعض الشباب مع آنية بيت الرب. لقد ترك صدقيا ليرعى الحقل الخصيب بمياه كثيرة ويضم شعبه بعد أن تمت معاهدة وأقسم الملك بعدم الخيانة. وبالفعل بدأت البذار تكبر لتصير كرمة منتشرة، لكنها قصيرة الساق لأنها تحت سيطرة ملك بابل. لقد مالت بأغصانها لتضم النسر، أي دخلت مع الملك في معاهدة، أما جذورها فكانت تحته، علامة سلطانه عليها.
إنها قصيرة الساق وكما يقول العلامة أوريجانوس: [لم يكن ممكنًا أن تكون إلا قصيرة الساق، تلك التي انبتت في بابل. كيف كان يمكنها أن تحتفظ بقوتها القديمة تلك التي بدأت تصبح كرمة بابلية؟! لقد نقلها النسر العظيم لأنها لم تكن قد أنتجت ثمارًا في المدينة المقدسة. ها هي تستقر في كنعان، فصارت قصيرة الساق، هزيلة. لما كانت في الأرض المقدسة كانت كرمة عظيمة، وإذ نُقلت إلى أرض الخطاة صارت ضعيفة وهزيلة. وأنتِ أيتها الكرمة التي تسمعيني، إن أردتِ أن تكون عظيمة لا تخرجي عن حدود الكنيسة. استقرى في الأرض المقدسة، في أورشليم، وإلا فبسبب خطاياك تصيرين في حالة سيئة، تُنقلي إلى أرض أخرى. تصيرين كرمة هزيلة ويابسة، تسقط ثمارك، وتجف جذورك، فتشتاقي إلى الراحة بالقرب من النسر الآخر].
[لقد أُخذ البعض وحُملوا إلى بابل، هؤلاء الذين كانوا أمراء في الكنيسة، بسبب خطيتهم نُقلوا من قمة لبنان... لنصِلِّ حتى لا يُنقل أحد من أورشليم إلى كنعان، وألا نتجه بعيدًا عن مشيئته حتى لا يُصاب الغصن بالفساد، فيجف الثمر مع الجذور. فإن غرس أورشليم لا يقدر أن يأتي بثمر على أرض أخرى، ولا ينتج زرعًا في أرض غريبة، بل يجف وييبس بثمره ما لم يثبت في مشيئة الرب وفي كنيسته، أي في الأعمال والوصايا وإدراك حقيقة يسوع المسيح ].
أما النسر العظيم الآخر فهو فرعون مصر، هو كبير الجناحين رمز لقوة جيشه، وله ريش كثيفرمز لضخامة عدد جنوده، لكنه ليس متنوع الألوان، لأنه لا يسيطر على أمم كثيرة مثل بابل، هذا الذي مالت إليه الكرمة بجذورها، واتجهت بأغصانها ليسقيها مع نمو زرعها. هذه الكرمة تشير لصدقيا الملك الذي مال مع غالبية الشعب نحو الالتجاء إلى فرعون مصر ضد نبوخذنصَّر، فخان الملك العهد وحنث بالقسم إذ فكر في الثورة على ملك بابل. وهنا قام حزقيال بتحذير الملك من خطأين: أولهما الحنث بالقسم حتى وإن كان مع ملك وثني، والثاني الاتكاء على ذراع بشر (فرعون مصر) عوض التوبة والرجوع إلى الله من كل القلب. لقد أعلن أن مصير صدقيا سيكون كمصير سابقيه يهوآحاز الذي أُخذ أسيرًا إلى مصر عام 607 ق.م. (19: 4)، ويهوياقين الذي أسر إلى بابل (19: 9).
إذ تمرد صدقيا الملك على نبوخذنصَّر بإرساله رسله إلى مصر ليعطوه خيلًا وشعبًا كثيرين [15]، يسأله الله: "هل تنجح؟" [9] وجاءت الإجابة في الحال: "أفلا يقلع أصولها ويقطع ثمرها فتيبس؟! كلٌّ من أوراق أغصانها تيبس، وليس بذراع عظيمة أو بشعب كثير ليقلعوها من أصولها؟! ها هي المغروسة فهل تنجح؟! ألا تيبس يبسًا كأن ريحًا شرقية أصابتها. في خمائل نبتها تيبس؟!" [9-10]. هكذا يؤكد أكثر من مرة أن الكرمة تيبس في جذورها وثمرها، وفي أوراقها كما في خمائل نبتها، أي تجف تمامًا على كل المستويات!
تساؤلات:
يتساءل العلامة أوريجانوس عن سبب دعوة كل من نبوخذنصَّر وفرعون "نسرًا"، وهو من الطيور المكروهة (لا 11: 13)، وفي نفس الوقت يشبه الأبرار والصالحون بالنسور. فقد جاء في الأمثال: "لا تتعب لكي تصير غنيًا، كفّ عن فطنتك؛ هل تطير عينيك نحوه وليس هو؛ لأنه إنما يصنع لنفسه أجنحة؛ كالنسر يطير نحو السماء" (أم 23: 4-5)؛ (فالإنسان البار يعتني لا بفطنته إنما يصنع لنفسه جناحي نسر، هما الإيمان والأعمال أو محبة الله ومحبة الناس، بهما يطير إلى السماء ليستقر بنعمة الله في الحضن الإلهي) كما قيل أيضًا: "وأما منتظروا الرب فيجددون قوة، يرفعون أجنحة كالنسور، يركضون ولا يتعبون، يمشون ولا يعيون" (إش 40: 31).
يقول العلامة أوريجانوس: [إن كان النسر مكروهًا وملعونًا فلا يليق بنا أن نتخذ أجنحة كأجنحة عندما نكون صالحين، وإن ازدادت ثروات الأغنياء، فلا ينبغي أن يصنعوا لأنفسهم أجنحة كالنسور]
فلماذا استخدم النسر تشبيهًا للصالحين؟
يجيب على هذا التساؤل، قائلًا:
[يوجد في الكتاب المقدس أسماء لبعض الحيوانات يمكن اعتبارها خيّرة وشريرة في نفس الوقت...
فمثلًا الأسد له جانبان: جانب خيِّر "يهوذا جرو أسد، من فريسة صعدت يا ابني... جثا وربض كأسد وكلبوة من ينهضه؟!" (تك 49: 9). وجانب شرير: "لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو، فقاوموه راسخين في الإيمان" (1 بط 5: 8-9). علاوة على هذا، فإن الماكر المخادع إذ يرغب في الوقوف بنا وسقوطنا: "يكمن في المختفي كأسد في عرينه يكمن ليخطف المسكين" (مز 10: 9).
إذن، كما رأينا يمكن اعتبار الأسد من جانبين: أحدهما خيِّر والآخر شرير، هكذا أيضًا النسر...
الصالح ليس نسرًا، وإنما كالنسر، لأنه ينافس النسر.
وبالمثل الحية النحاسية (عد 21: 8) كانت رمزًا للمخلص، لأنها لم تكن حيَّة حقيقية بل شبيهة بها. إنها تُشير إلى المخلِّص: "وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان" (يو 3: 14)... ومن وفي موضع آخر يؤمر الإنسان الصالح أن يكون حكيمًا كالحيات (مت 10: 16)، لا أن يصير هو نفسه حية، وذلك بالطبع لكي يتجنب اكتساب خداع الحية الحقيقية...
النسر والأسد ضمن الكائنات الطاهرة إذ نجد للشاروبيم "وجه إنسان ووجه أسد لليمين لأربعتها، ووجه ثور من الشمال لأربعتها، ووجه نسر لأربعتها" (حز 1: 10)... إنهما طاهران، لأنه ليس شيء دنسًا في حضرة الله.
وأنت أيها المؤمن قد صرت طاهرًا، وما صيَّره الله طاهرًا لا تجعله أنت دنسًا. هكذا قيل لبطرس الرسول عن كل شيء: "ما طهره الله لا تدنسه أنت" (أر 10: 15).
هكذا أعلن أيضًا عن طهارة الأسد والنسر اللذين ظهرا مع الشاروبيم. علاوة على هذا فإن التنبؤ عن مجيء المسيح يتم بالتعرف على الأسد الطاهر والنسر الطاهر... "فيسكن الذئب مع الخروف، ويربض النمر مع الجدي، والأسد كالبقر يأكل تبنًا" (إش 11: 6)، وذلك عندما يتحقق ذلك بالإيمان بالمسيح، حيث تتحد الطبائع المختلفة فيما بينها، فلا يكون الأسد مكروهًا، إنما ينسى وحشيته. وكل الحيوانات التي يُقال عنها أنها مكروهة في شريعة الله تتسلم مرة أخرى طبيعة حالتها القديمة في بدء الخليقة. وقد بدأ هذا التحول بالفعل ويتحقق عند المجيء الثاني...
لا تندهش إذن كثيرًا إن كان قد شُبه كل من فرعون ونبوخذنصَّر أنهما كالنسر...].
2. تفسير الأحجبة:
لم يترك الرب الأحجبة غامضة بل قدم للبيت المتمرد [12] تفسيرها حتى لا يكون لهم عذر في اندفاعهم على الاتكال على فرعون مصر وجيوشه، وقد ركز في التفسير على خطورة كسر العهد ونقضه والحنث بالقسم حتى وإن كان مع ملك وثني، مما اضطر الرب نفسه إلى التدخل لتأديبهم بالهزيمة. لقد أكد أن الخراب لا يتم بقوة بشرية بل قام الله نفسه ضدهم لتأديبهم. إنه يؤكد:
"فهل تنجح؟!
هل يفلت فاعل هذا أو ينقض عهدا ويفلت؟!
حي أنا يقول السيد الرب إن في موضع الملك
الذي ملكه الذي ازدرى قسمه ونقض عهده فعنده
في وسط بابل يموت.
ولا بجيش عظيم وجمع غفير يعينه فرعون في
الحرب بإقامة مترسة وببناء برج لقطع نفوس كثيرة.
إذ ازدرى القسم لنقض العهد وهوذا قد أعطى يده
وفعل هذا كله فلا يفلت.
لأجل ذلك هكذا قال السيد الرب. حيّ أنا إن قسمي
الذي ازدراه وعهدي الذي نقضه أردهما على رأسه،
وأبسط شبكتي عليه فيؤخذ في شركي وآتي به إلى
بابل وأحاكمه هناك على خيانته التي خانني بها، وكل
هاربيه وكل جيوشه يسقطون بالسيف، والباقون يذرون
في كل ريح فتعلمون أني أنا الرب تكلمت" [15-21].
هكذا اعتبر الله أن القسم قسمه هو، والحنث به إهانة له شخصيًا، فلا يقدر فرعون بكل جيوشه أن ينقذه من يد الرب ولا من يد نبوخذنصَّر، وأن الذي يصطاده في شبكته هو الرب، فيحمله إلى بابل ليموت هناك مقابل خيانته للعهد. سيسقط هو ومشيروه وجيشه بالسيف وبقية الشعب يُسبى، ويشتت في كل ريح!
لهذا حذرنا السيد المسيح من القسم نهائيًا بقوله: "سمعتم أنه قيل للقدماء لا تحنث بل أوفِ للرب أقسامك. وأما أنا فأقول لكم لا تحلفوا البته، لا بالسماء لأنها كرسي الله، ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه، ولا بأورشليم لأنها مدينة الملك العظيم، ولا تحلف برأسك لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدة بيضاء أو سوداء بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا، وما زاد على ذلك فهو من الشرير" (مت 5: 33-37).
لقد حذر القديس يوحنا الذهبي الفم كثيرًا من استخدام القسم، فمن كلماته:
[إني مستعد اليوم لا أن أظهر دمار بيت أو أثنين أو ثلاثة بسبب القسم بل دمار مدينة بأسرها وشعب محبوب من الله كان يتمتع دائمًا بالكثير من الرعاية الإلهية وجنس هرب من مخاطر كثيرة، أورشليم نفسها، مدينة الله، التي كان بها الهيكل المقدس وكل الخدمة الإلهية، التي وجد فيها الأنبياء ونعمة الروح والتابوت ولوحا العهد والإناء الذهبي، والتي كانت الملائكة كثيرًا ما تفتقدها... قد هلكت فقط بسبب قسم ].
[ليس القسم هو الذي يجعل الإنسان موضع ثقة، إنما شهادة حياته واستقامة كلماته وحسن صيته. كثيرون يفتحون حناجرهم بالقسم ومع ذلك لا يقدرون أن يقنعوا أحدًا بالثقة فيهم، وآخرون مجرد يعبرون عن قبولهم الشيء يكونون مستحقين التصديق أكثر من الذين يقسمون كثيرًا].
[حقا أن متاعب القسم عظيمة للغاية...
إذ نعرف ذلك فلنتجنب القسم، وليمارس فمنا على الدوام القول "صدقني" فيصير هذا ينبوعًا لكل سلوك ورع. فإنه إذ يتدرب اللسان على استخدام هذا التعبير وحده يصير في حياء ويخجل من أن ينطق بكلمات شريرة ورديئة ].
[عندما نمتنع عن القسم نهائيًا نغلق أمام (الشيطان) المدخل تمامًا، فإذا نطقنا بقسم واحد نقدم له فرصة ليسبب لنا مضارًا بلا نهاية].
ويطالبنا القديس يوحنا الذهبي الفم ليس فقط ألا نقسم بل ولا نطالب الآخرين أن يقسموا، إذ يقول:
[أسألك، هل أنت في شك بخصوص أمور مالية، فتقتل نفس (أخيك بطلبه أن يقسم)...؟!
إن كنت تعتقد أنه صادق فلا تلزمه أن يقسم، وإن كنت تعرف أنه كاذب فلا تجبره على ارتكاب القسم كذبًا].
3. الوعد بمملكة جديدة:
إن كان الدخول مع ملك بابل في معاهدة قد أعان يهوذا إلى حين، فصارت كشجر الصفصاف وككرمة منتشرة لكنها قصيرة الساق [5-6]، وإن كان الالتجاء إلى فرعون مصر قد حطمها تمامًا، فلهذا لا خلاص للإنسان بذراع بشري. لا بُد أن يتدخل الله نفسه ويغرس كرمته بيديه، يغرسها فيه هو الجبل العالي المتشامخ فلا يقدر العدو أن يقترب إليها. "هكذا قال السيد الرب: وآخذ أنا من فرع الأرز العالي وأغرسه وأقطف من رأس خراعيبه غصنا وأغرسه على جبل عال وشامخ" [22]. إنه يأخذ من فرع بيت داود (الأرز)، حيث يتجسد السيد المسيح بن داود فيغرس الكنيسة فيه! إنه رأس الأغصان الجديدة، هو الغصن المغروس لا بذراع بشري ولا من بذار بشرية، لكنه كلمة الله المولود قبل كل الدهور يتجسد في جبل إسرائيل العالي، ويظهر كغصن مثمر، ويصير أرزًا كبيرًا يسكن تحته المؤمنون من كل لون ومن كل قبيلة ولسان وأمة. يطيرون إليه بالروح القدس ويستقرون في ظل أغصانه [23]!
هكذا وسط النبوات المظلمة والتأديبات القاسية يشرق الرب عليهم بالرجاء في الخلاص بذراع إلهي من خلال المسيا، الملك الحقيقي، من نسل داود، الذي يضم في جسده أعضاء من كل الشعوب!
الله الذي سمح لهم بالنسرين: ملك بابل وفرعون مصر لتأديبهما، يحملهما كما بجناحي نسر لا ليدخل بهم إلى أرض الموعد، وإنما ليحمل البشرية من كل الأمم إلى حضن الأب، في أورشليم العليا، حيث لا تقدر النسور أن تخطف!
من وحي حزقيال 17
احملني كما بجناحي نسر!
* قديمًا حَملتَ شعبك من عبودية فرعون كما بجناحي نسر،
وأتيت بهم إليك،
ودخلت بهم إلى أرض الموعد!
لكنهم إذ تركوك صاروا فريسة النسور!
حملهم نبوخذنصَّر كنسر يلتهمهم،
لجأوا إلى فرعون مصر، فإذا به كنسر يخطفهم!
الآن قد أتيت إلى عالمنا البشرية المؤمن بك،
تحملهم كما بجناحي نسر إلى حضن أبيك!
* إلهي... كم أنا محتاج إليك!
هوذا خطاياي أثارت النسور عليّ!
هربت من بين يديك فصرت فريسة رخيصة!
تعال أيها العجيب في حبك،
احملني فيك، واخفيني، واستر عليّ!
هب لي جناحي حمامة فأطير إلى السماء!
هب لي روحك القدوس عاملًا فيها!
لتحملني إلى حضن أبيك أيها القدوس!
كم أنا مشتاق إليك يا صخرة نفسي!
|