|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خروجه من بيته أمام إصرار الشعب على عدم تصديق الأنبياء بمفارقة الرب بيته ومدينته وتخليه عن حماية شعبه بل السماح بسبيهم للتأديب، اضطر النبي -بأمر إلهي- أن يجَّسم رسالته في سلوكه، فصار رمزًا لإسرائيل. يقول له الرب: "لأني جعلتك آية لبيت إسرائيل" [6]. كما قال النبي: "أنا آية لكم" [11]. ففي النهار قام من موضعه وذهب إلى موضع آخر لعلهم يدركون جلاءهم من بلدهم وأخذهم إلى السبي، لكنه عاد في المساء وسط الظلام ونقب حائط بيته وخرج خلسة، كالخارجين إلى الجلاء، حاملًا أمتعته على كتفيه. وكأنهم إذ رفضوا التصديق بحدوث السبي يتم هذا العمل ليلًا، وهم نيام في وسط الظلمة الداخلية بلا استعداد ويُحمَل ملكهم حملا بغير إرادته. هكذا صوّر النبي حال الآلاف من المسببين... وكان الشعب ينظر إليه باستغراب. صار حزقيال آية لشعبه، كل ما في قدرته أن يكشف لهم عن حالهم بخروجه من بيته ليلًا يحمل أمتعته، معلنًا، أن خطاياهم تدفع بهم إلى السبي: يفقدون أرضهم وممتلكاتهم وشعبهم وحريتهم، أي يفقدون حقهم الإنساني. وقد صار مسيحنا آية، إذ قيل: "يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل" (إش 7: 14). إنه من عند الآب خرج في ملء الزمان، طأطأ السماوات ونزل إلى أرضنا كما في الليل؛ نزل إلينا نحن الجالسين في الظلمة يحمل خطايانا على كتفه، ليكشف عن سبينا وأسرنا في عبودية إبليس، لكنه لم يقف كحزقيال عند الكشف عن مرارة حالنا، بل وهبنا العتق من العبودية، ردنا إلى بيته السماوي نحمل طبيعة جديدة تتمتع بعربون المجد الأبدي. وكأن النبي قد شخَّص المرض وأوضح خطورته، أما مسيحنا الطيب الحقيقي فقدم حياته المبذولة على الصليب علاجًا وشفاءً! |
|