|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نصيب يشوع بن نون... "ولما انتهوا من قسمة الأرض حسب تخومها أعطى بنو إسرائيل يشوع بن نون نصيبًا في وسطههم" [49]. ليس عجيبًا أن ينتظر يشوع لينال نصيبه في وسط شعب الله بعد أن يتمتعوا هم بالأنصبة، ليس تهاونًا منه بالميراث، لكنه يُحسب أن ما يناله كل واحد منهم إنما قد ناله هو، وينتظر ليحتل نصيبه في وسطهم ليكون الشعب نفسه هو نصيبه. هذه صورة حيَّة لفكر المسيح نفسه الذي يُحسب كل ما نملكه إنما يملكه هو بكونه رأسنا الذي يتمجد في جسده المُكرم... إنه يبقى كمن هو آخر الكل حتى يفرح بكل مختاريه شركائه في الميراث الأبدي. في هذا يقول العلامة أوريجانوس: [أي جمال وأي اتضاع تظهره هذه العبارة بخصوص يشوع، فقد كان بحق جديرًا أن يحمل اسم يشوع ربنا ومخلصنا. يقول الكتاب: "أعطى بنو إسرائيل يشوع بن نون نصيبًا في وسطهم، حسب قول الرب: أُعطوه المدينة التي طلب تمنة سارح في جبل أفرايم، فبنى المدينة وسكن بها" [49-50]. إنه هو الذي أعطى الميراث لكل بني يهوذا، ولأفرايم ولنصف سبط منسى، وهو الذي أعطى الميراث للشريف كالب بن يفنة، وهو الذي بعث ثلاثة رجال من كل سبط ليطوفوا في كل البلاد ويصنعوا الخطة ويعرضونها عليه بعد عودتهم. هو الذي حدد مصير الكل، وترك نفسه للموضع الأخير! لماذا أراد أن يكون آخر الكل؟ ليؤكد أنه هو الذي يصبح أول الكل (مت 19: 30). لم يأخذ نصيبه من الميراث من نفسه، إنما استلمه من الشعب، إذ يقول الكتاب: "أعطى بنو إسرائيل يشوع بن نون في وسطهم" [49]، لكن "هذه الأمور جميعها أصابتهم مثالًا" (1 كو 10: 11). لقد عُرضت علينا كصورة لكي نلاحظ بدورنا المبادئ التي تممها يشوع في هذه الأعمال، ويقول: "ازداد تواضعًا تزداد عظمة وتنال خطوة لدى الرب" (سيراخ 3: 7)، وأيضًا: "إذا اختاروك رئيسًا فلا تتكبر ولكن كن بينهم كواحد منهم" (سيراخ 32: 10). أنظر بأي وسيلة كان رئيسًا للشعب؟! هو الذي أدخلهم الأرض المقدسة، أرض الموعد، وكان خليفة موسى ومع ذلك لم يسمح لنفسه أن يأخذ نصيبه من الأرض وإنما انتظر أن يتسلم من الشعب قطعة أرضه. أنه رئيس الشعب، ومع ذلك فإنه إذ استلمها يشوع الجدير بهذا الاسم بنى الأرض التي أُعطيت له، وأقام فيها الأبنية حتى تكون جديرة بهبة الله والميراث الروحي]. إن كان يشوع يرمز للسيد المسيح فليتنا نصنع ما فعله بنو إسرائيل، نقدم ليشوعنا أرضًا أو نصيبًا في وسطنا، نقدم له قلبنا مركز حياتنا كنصيب الرب، يتسلمه أرضًا فيُقيم فيها مدينته المقدسة ويسكن فيها [50]. إن كنا لا نقدر أن نبني له مدينة فينا، فإن العلي لا يسكن في مبانٍ من صنع الأيدي، فإنه بروحه القدوس يُقيم مدينته الروحية الحصينة ليسكن فيها، محولًا قلبنا إلى سمائه المقدسة. هذا ما أكده السيد نفسه بقوله: "إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي وإليه نأتي عنده نصنع منزلًا" (يو 14: 23). |
|