|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تَحْمِلُ الجِبَالُ سَلاَمًا لِلشَعْبِ، وَالآكَامُ بِالبِرِّ [3]. الملك الذي يسلك ببرَّ الله تمتلئ مملكته بالسلام. وكما قيل عن سليمان: "هوذا يولد لك ابن يكون صاحب راحة، وأُريحه من جميع أعدائه حواليه، لأن اسمه يكون سليمان، فاجعل سلامًا وسكينة في إسرائيل في أيامه" (1 أي 22: 9). وقيل عن السيد المسيح: "فيقضي بين الأمم، وينصف لشعوب كثيرين، فيطبعون سيوفهم سككًا ورماحهم مناجل. لا ترفع أمة على أمةٍ سيفًا، ولا يتعلمون الحرب فيما بعد" (إش 2: 4). "لنمو رياسته وللسلام لا نهاية" (إش 9: 7). "ويتكلم بالسلام للأمم، وسلطانه من البحر إلى البحر، ومن النهر إلى أقاصي الأرض" (زك 9: 10). يرى القديس أغسطينوس أن السلام والعدل (البرَّ) متلازمان، وأن من يتمتع بالسلام الحقيقي يتمتع بالعدل أيضًا. كما يرى الجبال تشير إلى العظماء (المهتمين بخلاص الآخرين)، بينما تشير التلال إلى من هم أقل منهم. وكما قيل في مزمور آخر: "عند خروج إسرائيل من مصر... الجبال قفزت مثل الكباش، والآكام مثل حملان الغنم" (مز 114: 1، 4). * أولئك المتفوقون في الكنيسة لسلوكهم بالقداسة هم الجبال. إنهم مهمون لتعليمهم الآخرين (2 تي 2: 2). بحياتهم هكذا يتمثل الآخرون بهم لنفعهم. أما الآكام فهم الذين يتبعون سمو السابقين خلال طاعتهم لهم... لكِلا الاثنين (الفريقين) العدل والسلام لازمان، ويمكن للعدل أيضًا أن يُدعى سلامًا. فإن هذا هو السلام الحقيقي، الذي يختلف عن ذاك الذي يقوم بين الظالمين. القديس أغسطينوس يرى الأب أنثيموس الأورشليمي أن الجبال هنا والتلال طغمات سماوية متباينة، هذه التي لم تكن تتردد بكثرة على الشعب قبل تجسد الكلمة، أما بعد التجسد فصارت في أُلفة مع شعب المؤمنين، وصار الشعب في سلام، لأن دم حمل الله - يسوع المسيح - رفع الخطية الحاجزة بين الطغمات السماوية والشعب، فاتحد السمائيون مع الأرضيين وصار الكل كنيسة واحدة. كما يرى أيضًا أن الأمم كانت تقدم ذبائح للأصنام على الجبال والتلال وكل أكَمة مرتفعة، أما وقد آمنت بالسيد المسيح فزالت عبادة الأوثان، وامتلأت الجبال سلامًا للشعب، والتلال عدلًا وبرًا. * يقول النبي "جبالًا" و"تلالًا" عن رتب الملائكة، الذين منهم أوائل "الجبال" ومنهم من بعدهم "التلال". فإنهم لم يكونوا يترددون مع الشعب، ولكن بعد تجسد ربنا صاروا في أُلفةٍ مع شعب المؤمنين، وصار سلام للشعب. لأن دم حمل الله يسوع المسيح رفع الخطية الحاجزة بينهم وبين الناس، وضمّ السمائيِّين والأرضيين وصيَّرهم كنيسة واحدة. وأيضًا صار فرح عظيم للملائكة بتوبة الخطاة. هذا ويأمر الروح القدس المرتفعين بالفضيلة مثل موسى وسائر الأنبياء أن يصيروا في صُحبة الشعب، أعني مع الذين آمنوا من الأمم. بمعنى أن عابدي الأصنام كانوا يذبحون لآلهتهم على الجبال والتلال، وعلى كل أكَمة مرتفعة. فِعْلهم هذا كان يغضب الله، لأنهم تركوه، وهو الإله الحقيقي، وعبدوا المخلوقات. ولكن لما آمنوا بالمسيح الإله زالت معابد الأصنام، وبنيت هياكل لله. بهذا تحمل الجبال سلامًا للشعب، والآكام البرّ. الأب أنثيموس الأورشليمي |
|