يقارن العلامة أوريجانوس بين خضوع الطبيعة للمؤمنين لصالحهم، ومقاومتها للأشرار، قائلًا:
[يشعر الشرير بكراهية نحو كل الخليقة، كما جاء عن المصريين الذين يشعرون بعداوة نحو الأرض والمياه والهواء والسماء. أما بالنسبة للبار فحتى ما يبدو قاسًا يتحول له إلى سهول ومنحدرات رقيقة. الإنسان البار يعبر البحر الأحمر كمن يمش على اليابسة، أما المصري الذي يريد عبوره فيُبتلع فيه. بالنسبة للبار يكون الماء سورًا له عن يمينه وعن يساره (خر 14: 22-29)! ليتقدم البار إلى متاهات البرية المرعبة فيجد طعامًا له من السماء (مز 78: 24). هكذا في الأردن كان تابوت العهد يقود شعب الله؛ كان الكهنة واللاويون يقفون، والمياه كما لو كانت قد أخذت في دهشة تقف أمام أسرار الله إجلالًا، تنحصر عن مجراها، وتتجمع في جانب ككومة لتقدم لشعب الله طريقًا بلا أخطار (يش 3: 15). لا تندهش أيها المسيحي عندما نروى لك ما حدث مع الشعب القديم، فإن كلمة الله يعدك يا من تعبر نهر الأردن - خلال سرّ المعمودية- بخيرات أعظم بكثير وأسمى، إنه يعدك بطريق وممر خلال الهواء. اسمع ما يقوله القديس بولس عن الأبرار: "سنُخطف جميعًا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء، هكذا نكون كل حين مع الرب" (1 تس 4: 17). بل، يليق بالبار ألا يخشى شيئًا، فإن الخليقة كلها في خدمته. استمع أيضًا إلى الوعود التي يقدمها لنا الله بالنبي: "إذا مشيت في النار فلا تُلدغ واللهب لا يحرقك، لأنيّ أنا الرب إلهك" (إش 43: 2). هكذا يكون البار كمن في مخدعه (في راحة) وأينما وجد، تُظهر له الخليقة كلها خضوعًا له (تك 1: 26، مز 8: 7)... إذن، إذ تذكر هذه العلامات التي لا يُسمع عنها الخاصة بعظمة الله: البحر المنشق إلى اثنين بسببك وماء النهر المتوقفة عند المنبع، فإنك ترجع وتصرخ: "مالك أيها البحر قد هربت، ومالك أيها الأردن قد رجعت إلى خلف، ومالكن أيتها الجبال قد قفزتن مثل الكباش، وأيتها التلال مثل حملان الغنم" (مز 114: 5- 8). وتجيبك كلمة الله: "أيتها الأرض تزلزلي من قدام الرب من قدام إله يعقوب، المحوّل الصخرة إلى غدران مياه، الصوان إلى ينابيع مياه"].