|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عون من لا عون له غارت راحيل من ليئة ضرتها، لأنها ولدت بنين، بينما كانت هي عاقرًا، فذهبت وهي مُرّة النفس لتتشاجر مع يعقوب زوجها، كقول الكتاب: "فَلَمَّا رَأَتْ رَاحِيلُ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْ لِيَعْقُوبَ، غَارَتْ رَاحِيلُ مِنْ أُخْتِهَا، وَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ: "هَبْ لِي بَنِينَ، وَإِلاَّ فَأَنَا أَمُوتُ!" (تك 30: 1). ولكن يعقوب رفض طلبها، وبين لها أن حلّ مشكلتها ليس في مقدرته، إنما هو أمر يخص الله ذاته، كقوله: "فَحَمِيَ غَضَبُ يَعْقُوبَ عَلَى رَاحِيلَ وَقَالَ: أَلَعَلِّي مَكَانَ اللهِ الَّذِي مَنَعَ عَنْكِ ثَمْرَةَ الْبَطْنِ؟" (تك 30: 2). لقد أعطى الله الإنسان قدرة على إتمام الكثير من الأعمال، ومع هذا فالإنسان ضعيف، محدود في قدراته، أما الله فهو كلي القدرة، كقوله: "هأَنَذَا الرَّبُّ إِلهُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ. هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَا؟" (إر 32: 27). يخطئ البشر عندما يعشَمون كثيرًا في مساندة إخوتهم لهم. وعندما لا ينالون معونة منهم يصابون بخيبة أمل فيهم، وقد لا يغفرون لهم تقصيرهم في حقهم. لقد تحاور والد غلام به روح نجس ومعه جمع من كتبة اليهود مع تلاميذ الرب يسوع المسيح، لأنهم لم يقدروا أن يخرجوا الروح النجس من الغلام، فلما أتى الرب إليهم أخبره والد الصبي بأن التلاميذ لم يقدروا أن يخرجوا الروح النجس من ابنه، ولكن الرب شفاه، كقول الكتاب: "فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ الْجَمْعَ يَتَرَاكَضُونَ، انْتَهَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ قَائِلًا لَهُ: أَيُّهَا الرُّوحُ الأَخْرَسُ الأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ وَلاَ تَدْخُلْهُ أَيْضًا!" (مر 9: 25). القارئ العزيز... لا ترتبك وقت الشدة لأنك لم تجد معونة من أحبائك، ولا تلومهم. لا تضيع وقتك كثيرًا في لوم من كنت تعشم في مساعدتهم لك. لأنك إن فعلت ذلك سيمتلئ قلبك بالألم والمرارة من الناس، وقد تنسى -وسط غضبك منهم- أن تلجأ لله السند الحقيقي، الذي يجب الاتكال عليه، كقول الكتاب: "فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ" (مز56: 3). لقد اختبر معلمنا بولس الرسول -أثناء محاكمته الأولى- يد الله القوية التي سندته، عندما تخلى عنه جميع أحبائه، ولكنه مع هذا صفح لهم تقصيرهم في حَقِهِ، كقوله: "فِي احْتِجَاجِي الأَوَّلِ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي، بَلِ الْجَمِيعُ تَرَكُونِي. لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ. وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ" (2تي4: 16- 17). فياليتنا لا نعشم كثيرًا في معونة البشر، ولا ننشغل بلوم مَن لم يقدم لنا معونة وقت الشدة، ولكن علينا بالحري التعلق بالله القادر، عون من لاعون له ورجاء من لا رجاء له. |