|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رَكَّبْتَ أُنَاسًا عَلَى رُؤُوسِنَا. دَخَلْنَا فِي النَّارِ وَالْمَاءِ ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا إِلَى الْخِصْبِ [12]. صورة مرعبة لما قد يحل بالإنسان لأجل تأديبه أو تزكيته، إذ يبدو كأن الأشرار يركبون على رؤوسهم، أي يتسلطون عليهم بلا رحمة. يعاني أحيانًا من الحريق وأحيانًا من الغرق، أي من الضدين. لكن الله يحول كل هذه المرارة إلى عذوبة وراحة. "إذا اجتزت في المياه فأنا معك، وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تُلدغ، واللهيب لا يحرقك. لأني أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل مخلصك" (إش 43: 2-3). "أخرجني إلى الرحب. خلصني، لأنه سُرّ بي" (مز 18: 19). "دخلنا في النار والماء ثم أخرجتنا إلى الخصب" [12]. إن كان الله يسمح بنيران التجارب ومياهها، فإنها تؤول بالأكثر إلى إكليلنا. بالتجارب نَعبُر إلى الراحة الإلهية. والعجيب إن كانت التجارب تُشبَّه بالنار والماء، فإن الله من جانبه يسمح بحلول روحه القدوس على شكل ألسنة نارية، لنصير على صورته ومثاله "النار الآكلة"، ونتشبه بخدامه "اللهيب نار". ننعم بروحه القدوس في مياه المعمودية، حيث ننعم بالميلاد الثاني، ويصير لنا الخصب العجيب: "ورثة الله، ووارثون مع المسيح". * النار والماء خطيران في هذه الحياة. بالتأكيد يبدو أن الماء يطفئ النار، والنار تجفف الماء. لكن النار تحرق، والماء يُهلك، يلزم الخوف من كليهما، من الاحتراق بالتجارب ومن مياه الفساد... انظروا فإن النار لن تحرقكم، والمياه لن تهلككم. تعبرون خلال النار إلى الماء، حتى تعبروا من الماء أيضًا. لهذا فإنه في الطقوس السرائرية... تُستخدَم أولًا النار... وبعد ذلك تأتون إلى المعمودية، حتى تعبروا من النار إلى الماء ومن الماء إلى التجديد. القديس أغسطينوس *"رفعت الناس على رؤوسنا" معناه سلطتهم على خلاف إرادتنا... لقد دعا الأحزان نارًا لأنها تحرق الفؤاد، والاغتصاب ماء لجريانه بلا توقف، كقول الله في نبوة إشعياء النبي: "إذا اجتزت في المياه فأنا معك، وفي الأنهار فلا تغمرك، وإذا مشيت في النار فلا تُلدغ، واللهيب لا يحرقك لأني أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل مخلصك" (إش 43: 2-3). جزنا في النار والماء معناه نجيتنا من الحريق والغرق. هذا القول كأنه صادر عن الرسل الأطهار وكافة القديسين والشهداء الذين دخلوا في فخاخ، أي في الحبس والنيران والمياه كما نقرأ في سيّرهم. لكن بعد هذا كله أخرجهم الله إلى الراحة الأبدية التي هي ملكوته، لقوله له المجد إنه بأحزان كثيرة تدخلون إلى ملكوت الله. الأب أنثيموس الأورشليمي * ولا تدخلنا في تجربة". هل هذا ما يعلمنا الرب أن نصلي لكي لا نُجرَّب أبدًا؟ فكيف إذن يُقال في موضع آخر: "الرجل غير المُجرَّب، يعلم قليلًا" (سي 34: 10، رو 5: 3-4)، وأيضًا يقول يعقوب: "احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع 1: 2). لكن هل يعني الوقوع في التجربة ألا يدع التجربة تغمرنا وتجرفنا؟ لأن التجربة كسيل الشتاء يصعب عبوره. لذا فهؤلاء الذين لا يغرقون فيها يمرّون مظهرين أنفسهم سبّاحين ممتازين، ولم يُجرفوا في تيارها أبدًا. بينما الآخرون يدخلون فيها ويغرقون. مثلًا دخل يهوذا الإسخريوطي في تجربة حب المال، فلم يَسبح فيها بل غَرق، وشنق نفسه بالجسد والروح (مت 27: 5). وبطرس دخل في تجربة الإنكار، لكنه دخل ولم يُسحق بها. لكن كرجل سبح فيها ونجا منها. أنصت ثانية في موضع آخر إلى جماعة من القديسين لم يُصابوا بضررٍ يقدمون الشكر لنجاتهم من التجربة. جربتنا يا الله - جربتنا بالنار كتجربة الفضة - وضعتنا في الشبكة، وضعت عذابات على ظهورنا. جعلت الناس يركبون على رؤوسنا. "جزنا في النار والماء لكن أخرجتنا إلى موضع راحة" (مز 65: 10-12). فخروجهم إلى موضع راحة يعني نجاتهم من التجربة. القديس كيرلس الأورشليمي * يقول الكتاب: "دخلنا في النار والماء ثم أخرجتنا إلى الخصب" (مز 66: 12). الذين يريدون أن يُرضوا الله يجب أن يجتازوا في شدائد قليلة. كيف نسمِّي الشهداء القديسين مبارَكين بسبب الآلام التي تحمّلوها من أجل الله إن كنا لا نتحمّل الحُمَّى؟ قُلْ للنفس المتضايقة: "أليست الحُمَّى أفضل لكِ من الجحيم؟" ليتنا لا نجزع في المرض لأن الرسول قال: "حينما أنا ضعيف فحينئذٍ أنا قوي" (2 كو 12: 10). اُنظر فإنّ الرب هو "فاحص القلوب والكلى" (مز 7: 9). ليتنا نتحمّل، ليتنا نصمد، فلنصر تلاميذَ للرسول عندما يقول: "صابرين في الضيق" (رو 12: 12). القديس برصنوفيوس * إن كان جسدكِ ملتهبًا كما بنارٍ، بحمّى شديدة، وقد تثقّل بعطش غير قابل للارتواء وغير مُحتمَل، وإن كنتِ تحتملين أنتِ الخاطئة تلك العذابات؛ فتذكري العقاب المزمع، أي النار الأبدية، والعقوبات التي يتطلبها العدل الإلهي، وأنتِ لن تضعفين أمام الظروف الحاضرة. افرحي لأنّ الرب يفتقدكِ، واحتفظي بهذا القول المبارك على شفتيكِ: "تأديبًا أدّبني الرب وإلى الموت لم يسلِّمني" (مز 118: 18). إن كنتِِ حديدًا، فبالنار تتنقين من صدأكِ. وحتى لو رقدتِ بالمرض، فمع أنكِ بارّة فإنكِ تتقدّمين من قوةٍ إلى قوة! اذكري المكتوب: "إن كنا نتألم معه، لكي نتمجّد أيضًا معه" (رو 8: 17). إن كنتِ بالفعل ذهبًا، فبالنار تصيرين أعظم قيمةً! إن كان قد أُعطيَ لكِ شوكةً في جسدك "ملاك الشيطان" (2 كو 12: 7)، فتفكّري فيمن صرتِِ مشابهةً له، لأنكِِ قد حُسِبتِ مستحقةً لشرف أن تكون لك نفس آلام القديس بولس! هل جُرِّبتِ بالحُمّى؟ هل تعلّمتِ من أمراض البرد؟ يقول الكتاب:: "دخلنا في النار والماء، ثم أخرجتنا إلى الخصب (أو الرحب)" (مز 66: 12). فإن مكان الراحة قد أُعِدَّ هناك. فإن كنتِ قد ذقتِ النصيب الأول (أي ضيقات الحاضر)، فانتظري الثانية (الراحة الأبدية). وبينما أنتِ تمارسين فضيلتكِ، ارفعي صوتكِ بكلمات داود النبي: "أما أنا فمسكين ومكتئب" (مز 69: 29)، فتصبحين كاملةً بهذه الشدائد. فإنّ الكتاب يقول: "في الشدّة فرّجتَ عني" (مز 4: 3 السبعينية) "اِفغر فاك" (أي وسِّع فمك) لكي تتعلّم بواسطة ممارسات (أو اختبارات) النفس هذه مع الأخذ في اعتبارنا أننا تحت نظر عدونا. القديسة الأم سنكليتيكي |
|