|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كَتبَ الأديبُ الرّوسي لِيو تُولستوي قِصَّةً بِعنوان: (كَم يحتاجُ الإنسانُ مِن الأرض؟)، تَعبيرًا عَن طَمعِ الإنسانِ الْمُهلِك. تَقول القصّة أنَّ فَلاحًا لَدَيه مَا يَكفيهِ مِن الأرزَاق وَيعيشُ عِيشَةً مُمتازَة، وَلِكنَّهُ يَرغَبُ بِالْمزيد! وفي يومٍ مِن الأيام، أَتَاهُ أَحَدُهم بِعَرضٍ سَخيٍّ لِلغَاية، قائِلًا لَهُ: "مُقابِلَ أَلفِ روبِل، يُمكِنُكَ أن تأخُذَ مِن الأرضِ، مَا يُمكِنُكَ أن تَقطعَهُ خَلالَ مَسيرِ يَومٍ واحد، شريطةَ أن تَعودَ إلى نُقطةِ البدايةِ عِندَ غُروبِ الشّمس". رَاقَ العَرضُ لِلفلّاح، فَاسْتَيقَظَ مُبَكّرًا وَبَدَأَ بالْمَسيرِ بِخطُىٍ سَريعة ومتواصِلة دونَ توقُّف، لِيَكسَبَ مِنَ الأرضِ ما يَستَطيع. وَعِندَمَا انتِصَفَ النّهار، قرَّر أَنْ يَستَمِرَّ في الْمسير، مُعَلِّلًا أَنّهُ سَيُسرِعُ أَكثر أَثنَاءَ عَودَتِه، لِيَضمَنَ الوصولَ عندَ الْموعِد! وَلَمّا انْتَصَفَت الظّهيرة، كَانَ قَد مَشى مَسَافةً عَظيمة، فَأَدرَكَ أنَّ الوقتَ لَيسَ في صَالِحِهِ، وإنَّهُ سيخسَرُ كُلَّ هَذهِ الأرض، إذا لَم يَعُدْ إلى نُقطةِ البدايةِ عندَ الغروب! فَأخذَ يَعدو ويركُض كالْمجنون مُحاوِلًا الوصول على الْموعِد! وَبِمجرّدِ أنّ أخذتَ الشّمسُ في الاختفاءِ خَلفَ خُطوطِ الأُفق، كانَ قَد اقتَربَ جِدًّا مِن حَيثُ بَدأ. فَقسى عَلى جَسدِه الْمُنهَكِ لِلغَاية، وأخذَ يبذِلُ مجهودًا انتحاريًّا، لِلوصول خلالَ ما تَبقّى لَهُ مِن دقائِق! وبِخطواتٍ مُترنِّحة نَجَحَ في الوصولِ إلى نُقطةِ البداية، ولكنّه انْهارَ تمامًا عِندَهَا، وَمَاتَ مِن الإرهاقِ الحاد. فَأتى عَبدُهُ وحفرَ لَهُ قبرًا طُولُه مِتْرينِ وَعَرضُه مِترٌ واحِد! فَهذهِ هي الأرضُ الّتي يحتاجُها كُلٌّ مِنّا آخِرَ الأمرِ، وَلَو بَعدَ حين! |
|