|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لَكَ يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ يَا اللهُ فِي صِهْيَوْنَ، وَلَكَ يُوفَى النَّذْرُ [1]. جاءت كلمة "التسبيح" هنا في الأصل تعني الوقوف في دهشة وصمت رهيب، حيث يتأمل الشعب كما المؤمن عطايا الله التي تفوق الفكر. وإذ يندهش المؤمن من عطايا الله، يقف في صمت ينتظر أن يتعرَّف على إرادة سيده الذي أفاض عليه بالعطايا. في شيء من الإطالة تحدث القديس أغسطينوس في تفسيره لهذا المزمور، بأنه يخص الشعب الذي نُقل إلى بابل أسيرًا، وينتظر تحقيق وعود الله كما جاء في إرميا بالعودة بعد 70 سنة من السبي (إر 25: 11؛ 29: 10). أمام الإنسان أحد اختيارين: إما أن يسكن في أورشليم التي تعني رؤية السلام أو في بابل ومعناها ارتباك. يقول القديس أغسطينوس: [محبتان تقيمان هاتين المدينتين، محبة الله تقيم أورشليم، ومحبة العالم تقيم بابل... الآن لنسمع يا إخوة، ونُسَبِّح، ونشتاق إلى تلك المدينة التي نحن مواطنون فيها]. * وطننا هو صهيون. أورشليم هي بعينها صهيون؛ يليق بنا أن نعرف تفسير هذا الاسم. فكما أن "أورشليم" تُفسَّر برؤية السلام، هكذا تُفسَّر "صهيون" بالمشهد أو رؤية beholding، أي رؤيا vision أو تأمل contemplation. لقد وُعدنا برؤية عظيمة يصعب تفسيرها، هذه المدينة يبنيها الله نفسه. جميلة ورائعة هي المدينة، فكم يكون الذي يبنيها أبرع جمالًا؟ "لك ينبغي التسبيح يا الله" [1] ولكن أين؟ "في صهيون". أما في بابل فلا يليق ذلك. فعندما يبدأ الإنسان يتجدد فعلًا بالقلب في أورشليم يرنم مع الرسول، قائلًا: "فإن سيرتنا (محادثتنا) هي في السماوات" (في 3: 20). يقول: "لأننا وإن كنا نسلك في الجسد لسنا حسب الجسد نُحَارَب" (2 كو 10: 3). بالفعل نحن نشتاق إلى هناك، بالفعل نترجى تلك البلد (السماء)، بكونها مرساة نذهب إليها، لئلا نصاب بالغرق في أمواج هذا البحر. بنفس الطريقة نقول بحقٍ إنها (السفينة) ترسي على الأرض، فإنها لا تزال تتموج، إما إذا بلغت الأرض تصير في أمان من متاعب الرياح والعواصف. لهذا فإنه في مواجهة تجارب هذه الرحلة، يقوم أساس رجائنا على مدينة أورشليم هذه، فلا نتحطم على صخور! من له هذا الرجاء فليغني ويقول: "لك ينبغي التسبيح يا الله في صهيون" [1]. القديس أغسطينوس ماذا يعني الوفاء بالنذر هنا سوى تقديم ذبيحة التسبيح والشكر مع الطاعة بفرح لوصية الله المحبوبة! * "ولك يوفى النذر" [1]، في أورشليم. فإننا سنكون هناك كاملين، أي نكون في قيامة الصديقين كاملين. هناك يوفى كل نذرنا، ليس من جهة النفس وحدها، بل والجسد أيضًا، لا يعود بعد قابلًا للفساد، لأنه لا يعود بعد ليكون في بابل، بل يصير الآن جسدًا سماويًا ويتغير... سيغلب السلام، وستنتهي الحرب. وعندما يغلب السلام، فستغلب تلك المدينة التي تُدعى رؤية السلام (أورشليم). لا يعود يوجد بعد كفاح مع الموت. الآن يا لخطورة الموت الذي نكافحه! القديس أغسطينوس يكشف هذا القول عن شوق بعض المسبيين إلى العودة إلى وطنهم، حتى يقدموا التسبيح لله في صهيون، ويوفوا النذور في أورشليم، في هيكل الرب. يرى القديس أثناسيوس أن هذا القول كان من قبل الذين آمنوا من الأمم، قائلين: كنا قبلًا نقدم التسابيح للحجارة والأخشاب والشياطين، لكن الآن تحققنا بالإيمان أنه لك وحدك يا الله ينبغي التسبيح في كنيستك الشريفة. إن لم يرتفع قلب المؤمن إلى صهيون السماوية، ويختبر عربون الحياة في أورشليم، لا يقدر أن يقدم تسبيح لله، وأن يوفي نذور الشكر له. |
|