|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لاَ تَقْتُلْهُمْ لئلاَّ يَنْسَى شَعْبِي. تَيِّهْهُمْ بِقُوَّتِكَ، وَأَهْبِطْهُمْ يَا رَبُّ، تُرْسَنَا [ع11]. يسأل الرب ألا يزيل الأعداء مرة واحدة، بل يسمح ببقية لهم تتشتت، كشهادةٍ وتذكارٍ لعمل الله، فلا ينسى الشعب عمل الله وحفظه لهم من الأعداء. لقد طلب من الله أن يشتتهم فقط، فيصيروا بلا قوة للمقاومة يطلب من إلهه أن يهبطهم، أي أن ينزل بهم من تشامخهم، ليدركوا أنهم بلا قوة لمقاومة الله. عندما قتل قايين هابيل لم يعاقبه الله بالقتل فورًا، إنما تركه حيًا يجول في تيهٍ (تك 4: 12-14). كشهادة لثمرة الخطية، وتحقيق نوع من العدالة الإلهية. يرى كثير من الآباء أن هذا القول يشير إلى اليهود الذين صلبوا رب المجد، فصاروا في تيهٍ في العالم. ربما يتساءل البعض: لماذا لم يعاقب الله الشيطان وملائكته، فيستريح المؤمنون من هجماتهم. بقاء الشياطين يعطي الفرصة لدخولنا في معارك مستمرة، وبالتالي لارتباطنا بالله ملجأنا، وتمتعنا بالنصرة ونوال الإكليل. لنفس السبب يترك الله الأشرار، ويطيل أناته عليهم، لتزكية الصِديقين، وإعطاء فرصة للتوبة للأشرار حيث يلمسون أن الله يدافع عن مؤمنيه. كثيرًا ما يترك الله الأشرار، لكنهم يعيشون كمن في تيه، بلا سلام. فيرى المؤمنون ذلك لا ليشمتوا فيهم، وإنما لكي يثبت إيمانهم بالله. "أهبطهم يا رب ترسنا!" بينما يرتفع المؤمن وسط الضيقات، وتنفتح أمامه أبواب السماء، إذا بالأشرار يهبطون مع أبيهم. "وأنت يا الله تحدرهم إلى جب الهلاك. رجال الدماء والغش لا ينصفون أيامهم" (مز 55: 23). جاء تعبير: "تيههم بقوتك" في الترجمة السبعينية: "شتتهم بقوتك". يرى العلامة ترتليان أن المرتل هنا يصرخ إلى الله وهو يتطلع إلى صالبي السيد المسيح، سائلًا إياه أن يضرب الصالبين بالمسيح يسوع كسيفٍ لا يقتل بل يُشتت، وبهذا تشتت اليهود بسبب صلبهم للسيد. * من أين نثبت أن السيف هو المسيح؟ بما جاء في المزمور أنه لا يسمع لهم، بل يطلب من الآب تشتيتهم، قائلًا: "شتتهم في قوتك" (مز 59: 11 LXX). العلامة ترتليان * "شتتهم بقوتك" [11]. لقد تحقق هذا الآن، فقد تشتت اليهود بين كل الأمم، شهادة عن إثمهم وعن الحق الذي لنا. القديس أغسطينوس * أطلقوا لسانهم الذي لا يُكبح جماحه ضد المسيح، وهكذا تحدثوا إذ تشامخوا برفع قرنهم، ونطقوا بالإثم على الله، كما هو مكتوب، سقطوا في كبريائهم. القديس كيرلس الكبير يقف المرتل متأملًا في مراحم الله العجيبة العاملة لخلاصه من الأشرار، وما يحل على الأشرار المصرين على مقاومتهم للحق الإلهي من تشتيت ومتاعب، فيقارن بينهم، مظهرًا أن الفارق علته قبول الاقتراب من الله أو الإصرار على اعتزاله. * يا لعظم الرحمة التي يقدمها لي، ويظهرها لأعدائي. ليقارن الإنسان نفسه بالناس الذين يهجرهم (الله)، المختار بالمرذولين، إناء الرحمة بآنية الغضب. لينظر كيف أن الله يصنع من كتلة واحدة إناءً للكرامة وآخر للهوان (رو 9: 21). * إنه يُظهر رحمته لزيتونة البرية المطعمة (رو 11: 17) بأغصان قُطعت بسبب الكبرياء. انظروا أين يسقطون إذ كانوا متكبرين، وأين أنتم طُعمتم عوض الذين سقطوا. لا تتكبروا لئلا تتأهلوا للقطع (يو 11: 24). القديس أغسطينوس |
|