|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نَجِّنِي مِنْ فَاعِلِي الإِثْم،ِ وَمِنْ رِجَالِ الدِمَاءِ خَلِّصْنِي [ع2]. كثيرًا ما نشتكي وأحيانًا نتذمر، لأن الظلم قد حلّ علينا. هنا يعلق المرتل أن هذه المظالم طبيعية، فقد صار الأشرار بطبيعتهم التي أفسدوها متعطشين إلى سفك الدماء، واغتصاب حقوق الآخرين، واتهام الغير ظلمًا. "أهل الدماء يبغضون الكامل. أما المستقيمون فيسألون عن نفسه" (أم 29: 10). "فاعلو الإثم" هم شاول الملك ومشيروه الذين في نوعٍ من المداهنة للملك، قدموا له الخطة لقتل داود. أما "رجال الدماء" فهم الذين يجدون مسرتهم في تعذيب الأبرار والصديقين وسفك دمائهم. يرى الأب أنثيموس الأورشليمي أن أعداء المرتل هنا هم شاول ورجاله، وأيضًا الرئاسات وسلاطين ظلمة الشيطان وجنوده الذين يثيرون الظلام على رجال الله. كما يرى أن الحديث هنا فيه دعوة النبي لابن الله مخلص العالم أن يأتي. ويرى أيضًا أنه حديث السيد المسيح نفسه حيث يطلب من الآب عن جماعة المؤمنين بكونهم جسده. إن كان الله يسمح حتى لإبليس وقواته أن تحاصرنا، وتطلب نفوسنا، إنما لكي نقضي كل حياتنا نصرخ إلى الله، فننعم بالاتحاد معه، والتمتع بالنصرة. ليس من سلاح يسندنا لنوال النصرة مثل الصلاة والصراخ إلى الله. يرى القديس أغسطينوس في هذه العبارة صرخة الكنيسة المضطهدة، وصرخة كل مؤمن تُقدم للآب في السماء خلال المسيح رأس الكنيسة. * حدث هذا الأمر في جسد المسيح، إنه يتحقق أيضًا فينا. فإن أعداءنا، أي الشيطان وملائكته، لا يكفوا عن الثورة علينا كل يوم. وأن يقوموا بالتسلية بضعفنا وعجزنا، بخداعاتهم واقتراحاتهم وتجاربهم، وبالشباك من كل نوع التي ينصبوها لاصطيادنا، مادمنا نعيش على الأرض. لكن صوتنا يُوجه إلى الله ويصرخ في أعضاء المسيح، خلال الرأس الذي في السماء، القائل: "نجني من فاعلي الإثم، يا إلهي، ومن رجال الدماء خلصني". القديس أغسطينوس * بقوله "افدني" (احمني) يلتمس حضور ابن الله، الذي جعل نفسه فدية عن العالم. وأيضًا هذا القول موجه كما من قبل ربنا، إذ يطلب من الله أبيه خلاصًا لجماعة المؤمنين الذين هم جسده من الأعداء المنظورين، ومن الذين يصنعون الإثم، ومن سافكي الدماء الذين يهيمون واثبين على قتله، وقتل رسله من بعده، وقتل من يتبعهم. وأيضًا يطلب خلاصهم وتبريرهم من فعلة الإثم والقتل. لكن طلبته لدى الآب، وتضرعه إليه، ليس عن ضعفٍ ولا عن نقص سلطانه أو سيادته عن سيادة الآب، حاشا! وإنما فقط لكي يعلن عن كمال ناسوته، وليعلمناأن نستغيث بالله عند ورود الشدائد. الأب أنثيموس الأورشليمي * كانوا بالحقيقة رجال دماء، هؤلاء الذين قتلوا البار، ذاك الذي لم يجدوا فيه أي إثمٍ. كانوا رجال دماء، لأنه عندما غسل الغريب (بيلاطس) يديه، وأراد أن يطلق المسيح، صرخوا: أصلبه، أصلبه. كانوا رجال دماء هؤلاء الذين لما أتهموا بجريمة سفك دم المسيح، أجابوا: "دمه علينا، وعلى أولادنا" (مت 27: 25)، مقدمين ذلك لنسلهم كي يشربوه. لكن لم يكف رجال الدماء عن الثورة ضد جسده، فإنه حتى بعد قيامة المسيح وصعوده، عانت الكنيسة من الاضطهادات، وهي بالحقيقة بدأت من الشعب اليهودي الذي منه أيضًا خرج رسلنا. القديس أغسطينوس |
|