إن بَدَت الريح العاصفة أو الزوبعة تكاد تبتلع القديس، واسودت سماؤه بالسُحب، فما أجمل أن يذكر أن «الرَّبُّ فِي الزَّوْبَعَةِ، وَفِي الْعَاصِفِ طَرِيقُهُ، وَالسَّحَابُ غُبَارُ رِجْلَيْهِ». فارفع إذاً بصرك أيها العزيز المُجرَّب المتحيِّر، فإن سَيِّدك يعلو سحائب الحزن الكثيف. وكما أن الغبار من بعيد يُنبئ بقدوم مسافر قبل أن نتبيَّنه على الطريق، هكذا تُحدِّثنا السُحب أن مجيئه قريب، ذاك الذي يعرف كل أحزاننا، ويأتي في المحبة ليُكفكف دموعنا. بأمره ينتهر البحر المضطرب فينشف، وتجف أنهار الويل، كما نشَّف قديمًا بحر سوف، ورّد مياه الأردن. الخليقة كلها تعترف بقوته، والعناصر جميعًا تقرّ بسلطانه. ليس مَنْ يقف أمام سخطه أو مَنْ يقوم في حمو غضبه. لكنه «صَالِحٌ هُوَ الرَّبُّ. حِصْنٌ فِي يَوْمِ الضَّيقِ، وَهُوَ يَعْرِفُ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ» (ع4-7).