|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
روح الله والمياه: "وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه" [2]. قيل عن الأرض إنها كانت "خربة وخاوية"، وفي الترجمة السبعينية: "غير منظورة وغير كاملة"، ويعلل القديس باسيليوس الكبير أنها غير منظورة لعدم خلق للإنسان بعد لكي يراها، ولأن المياه كانت تغطيها تمامًا، أو لأن النور لم يكن بعد قد أشرق عليها فكان الجو غامضًا. أما كونها "غير كاملة" فبسبب عدم قدرتها على الإنبات. على أي الأحوال إن كان الوحي قد أعلن أن الآب خلق السموات والأرض بكلمته [1]، فهنا يكشف عن دور الروح القدس الذي كان يرف على وجه المياه ليخلق من الأرض الخربة والخاوية عالمًا صالحًا جميلًا. ولا يزال الروح القدس إلى يومنا هذا يحل على مياه المعمودية ليقدسها فيقيم من الإنسان الذي أفسدته الخطية وجعلت منه أرضًا خربة وخاوية، غير منظورة لحرمانها من إشراقات الله وغير كاملة... سموات جديدة وأرضًا جديدة، أي يهبنا الميلاد الجديد فيه ننعم بنفس مقدسة على صورة الله خالقنا وجسد مقدس أعضاؤه آلات برّ لله. نقتطف هنا بعض كلمات الآباء في هذا الشأن: * لقد أنجبت المياه الأولى حياة، فلا يتعجب أحد إن كانت المياه في المعمودية أيضًا تقدر أن تهب حياة... كان روح الله محمولًا على المياه، هذا الذي يعيد خلق من يعتمد. كان القدوس محمولًا على المياه المقدسة، أو بالأحرى على المياه التي تتقبل منه القداسة. بهذا تقدست المياه وتقبلت إمكانية التقديس. هذا هو السبب الذي لأجله إذ كانت المياه هي العنصر الأول لموضوع الخلق حصلت على سر التقديس خلال التوسل لله. العلامة ترتليان القديس إكليمنضس الإسكندري * المياه هي بدء العالم، والأردن هو بدء الإنجيل ). القديس كيرلس الأورشليمي * إن كانت المعمودية في ذلك اليوم قد سبق فأُعلنت خلال الظل، فإنه لم تكن هناك معمودية حقيقية أكيدة بدون الروح . القديس جيروم أما عن تعبير "يرف" فيقول القديس باسيليوس: [أن أحد السريان يري أنه الكلمة السريانية قادرة على إعطاء معني أكثر من العبرية، فهي تُتَرْجَم بمعنى يحتضن، وكأن الروح يُشبه طائرًا يحتضن بيضًا ليهبه حياة خلال دفئه الذاتي]. ويري القديس أمبروسيوس أن حركة الروح هنا على وجه المياه إنما هي حركة حب مستمر لعمل خلاّق في حياة الإنسان، إذ يقول: [كيف يمكن لذاك الذي كان يتحرك قبل خلق الأرض أن يتوقف عن حركته بعد أن أوجدها؟!]. |
|