![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() رئيس الملائكة يكشف عن شخصه [15- 22] أنا رافائيل أحد السبعة ملائكة القديسين الذين يرفعون صلوات القديسين، ويدخلون بها أمام مجد القدوس." [15]. عندئذٍ اضطرب الاثنان وسقطا على وجهيهما وخافا [16]. لكنه قال لهما: "لا تخافا، سلام لكما. باركا الله إلى الأبد [17]. فإنني لم آت ِ بنعمةٍ مني، بل بالحري أتيت بإرادة إلهنا، فلتباركاه إلى الأبد [18] كل هذه الأيام التي ظهرت فيها لكما لم آكل ولم أشرب، إنما ما رأيتماه هو رؤيا [19]. الآن أشكرا الله لأني صاعد إلى ذاك الذي أرسلني. أكتبا كل ما حدث في كتاب [20]. عندئذ ٍ قاما ولم يعودا ينظرانه [21]، لقد أدركا أعمال الله العظيمة العجيبة، خاصة عندما ظهر ملاك الرب لهما [22]. في غمرة تلك الأفراح التي تمتَّع بها الكثير من اليهود المسبيين في نينوى، لم ينسَ طوبيت وابنه ذلك الرجل التقي، رئيس الملائكة المتخفي، الذي ساهم فيما نالهم من بركات إلهيةٍ وتعزيةٍ وبهجةٍ. وكما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم عن رئيس الملائكة رافائيل (في ميمر عنه): [هو ملاك وهو وكيل العريس لأنه اتفق مع طوبيا وأقام العُرْس. إنه لا جسد له، لأنه لم يذق شيئًا طوال الأيام التي صار فيها معه. إنه شفيع، فقد توسَّل إلى السيد الرب صاحب كنوز الرأفة لأجل طوبيت وطوبيا ابنه ولأجل سارة. هو نشيط، لأنه عندما كان طوبيا في العُرْسِ أخذ جملاً إلى راجيس وأحضر الفضة. هو طبيب، لأنه أبرأ عيني طوبيت الرجل الرحوم ثم أوصى ابن طوبيت أن يعمل الرحمة من ماله، لأن الصدقة تنقذ الإنسان من الموت. هو قائد، لأنه قيَّد أسموديس (الشيطان). هو متطوّع، لأنه لم يأخذ أجرًا اتفقوا عليه معه. إنه خادم نشيط لأنه قام بكل ما احتاجوا إليه. إنه خدوم لأنه وقف معه وخدم كعبد أمين. يا لعظم رأفة الله ويا لطاعة رئيس الملائكة الواقف في حضرة رب الجنود، وقد وقف أمام إنسان يخدمه.] سجودهما للملاك (16- 20) أظهر تقواهما ومخافة الله التي في قلبيهما. أخذ القديس أغسطينوس قصة ظهور رئيس الملائكة لطوبيا وطوبيت، وتحرُّكه مع الأول وخدمته له، وتقديم نصائح له، دليلاً على محبة السمائيين لنا. ودليل على أنه ليس من الصعب إدراك عودة الجسد واتحاده مع النفس التي فارقته عند موته. * القيامة المُقبِلة للجسد هي برهان أن النفس بعد الموت بالتأكيد تكون بدون جسد. هذا ليس زعمًا لا إجابة عليه، لأن الملائكة الذين يشبهون نفوسنا غير المنظورة، يرغبون أحيانًا أن يظهروا في أشكال جسدية وأن يكونوا منظورين... كما حدث مع إبراهيم (تك 17: 6) ومع طوبيا (طو 12: 16). القديس أغسطينوس * ماذا يقول الملاك في سفر طوبيا؟ "وكان يظهر لكم أني آكل وأشرب معكم" (طو 19:12). هل كان يبدو أنه يأكل، لكنه في الواقع لم يأكل؟ لقد أكل فعلاً. إذًا ما معنى هذه الكلمات، "وكان يظهر لكم أني آكل وأشرب معكم"؟ كن تقيًا واستمع لما أقول: أصغِ إلى الصلاة (أي لإرشاد صوت الله خلال صلاتك) أكثر من استماعك إليَّ حتى تدرك ما نقول، وتمسك به بحيث تفهم ما تسمع. بما أن جسدنا قابل للفساد والموت فهو يحتاج للطعام، ولذا يوجد فينا وجع الجوع. فنحن نجوع ونعطش، وإن توانينا عن إشباع هذا الجسد طويلاً يضعف ويهزل ثم يمرض، تُستَنزف قوته ولا يستطيع أن يستردَّها، وإذا مكث هكذا طويلاً تأتيه المنية (يموت). لأن جسدنا -إن جاز التعبير- يزول باستمرار ويفقد شيئًا ما من ذاته، لكننا لا نشعر بهذا، أي بما نفقده لأننا نُعَوِّضه بالطعام. ما نأخذه بوفره، نفقده قليلاً قليلاً، لذلك نسترد في وقت وجيز هذه الطاقات التي فقدناها في مدة زمنية أطول. هكذا الحال بالنسبة لزيت المصباح الذي يُصب في وقت وجيز ويستهلك قليلاً قليلاً على مدى أطول. وحين يوشك الزيت أن يستنفذ يخفت نور المصباح، معلنًا أنه متعطش للوقود، منذرًا إيانا حتى نسرع في الحال لسد احتياجه حتى يسترد ضوءه بإمداده بالزيت، وهو الغذاء المناسب له والذي يوفي احتياجه. هكذا بالمثل ما نأخذه من طاقات. بتناولنا الطعام لا نفقده دفعة واحدة بل قليلاً قليلاً. نلاحظ هذه الظاهرة تحدث الآن وأثناء قيامنا بأي عمل ثم تستمر حتى أثناء راحتنا لأن طاقتنا في حالة تجديد دائم. إذا ما استنفذت تمامًا حينئذ يموت الإنسان كمصباح منطفئ. وحتى لا يأتي الموت، أي لا تخمد الحياة في هذا الجسد، أي لنحفظها فيه، يجب أن ننفخ فيه لنعوضه ما يفقده نملأه مرة ثانية بالطعام. لأنه لماذا نقول "نملأه ثانية"؟ ولماذا نفعل ذلك إذا كنا لم نفقد شيئًا؟ لذلك فإن هذا الاحتياج وهذه القابلية للموت يُرمَز إليها بالجلد الذي لبسه آدم وحواء عندما طُرِدا من الفردوس (تك 21:3-24). الجلد يُمَثِّل الموت، لأنه يُنزَع عادةً من جثث الحيوانات الميتة. لذلك بما أننا نحمل طبيعة ضعيفة وقاصرة، فحاجتنا للطعام لا تتوقَّف، بل نلجأ إليها دائمًا لاسترداد طاقتنا، ورغم ذلك لا نستطيع أن نتجنَّب الموت. وهكذا فيما يخص حالة الجسد خلال السنوات المتعاقبة طالما الجسد قائم سوف يأتي في النهاية إلى كبر السن وبعد ذلك لا يجد نهاية أخرى سوى الموت... لذلك طالما نحمل هذه الأجساد المائتة، نحتاج إلى ما ينقصنا، وينبع الجوع عن هذا الاحتياج فنأكل نتيجة لهذا الجوع. لكن على العكس لا يأكل الملاك عن احتياج. كما قلنا الواحد يأكل عن اقتدار (الملاك) والآخر (الإنسان) عن احتياج. يأكل الإنسان حتى لا يموت. أما الملاك فيأكل حتى يتكيَّف مع ضعف الإنسان. لأنه إن كان الملاك لا يخشى الموت، فهو لا ينتعش بنقص الطعام. وإن كان لا ينتعش بنقص الطعام إذًا هو لا يأكل عن احتياج. ومع ذلك فالذين رأوا الملاك يأكل ظنُّوا أنه جائع. هذا ما قاله: "وكان يظهر لكم..." لا يقول: تراني آكل لكنني لم أكل، لكنه يقول "كان يظهر لكم" بمعنى أنني أكلت لأعمل وفق طرقكم، وليس بسبب الجوع أو أي احتياج تختبرونه فيجبر على الاعتقاد أن كل من ترونه يأكل هو يأكل للاحتياج فقط، لأنكم تحكمون على الآخرين بمقياسكم أنتم، وهذا هو معنى الكلمات، "وكان يظهر لكم...[19]" القديس أغسطينوس * رأيتني آكل لكن كل ما رأيته هو رؤيا (طو 12: 19)، بمعنى: لقد ظننت أنني أخذت طعامًا كما أنت فعلت لإنعاش جسدي... بالحقيقة حتى بعد القيامة عندما صار جسد (المسيح) روحيًا، بالحقيقة أخذ ربّنا طعامًا وشرابًا مع تلاميذه (لو 24: 42-43). إنه ليس طعامًا عن احتياج الجسد ليأكل ويشرب... ستصير الأجساد روحية دون إنكار أنها أجساد. إنما وجودها قائم على الروح الواهب الحياة. القديس أغسطينوس |
![]() |
|