|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بين عدم الإيمان واللاأخلاقيات قَالَ الجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ إِلَه. فَسَدُوا وَرَجِسُوا رَجَاسَةً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا [ع1]. كلمة "الجاهل" هنا "نابال" لا تعني مجرد الجهالة، أي عدم المعرفة، أو عدم الحكمة؛ وإنما تحمل فسادًا سلوكيًا، خاصة في مقاومة الإيمان بالله، ورفض إرادته في حماقة. وكما جاء في المزمور 74: 22 "قم يا الله. أقم دعواك. اُذكر تعيير الجاهل إياك اليوم كله". وقد دعا أيوب البار زوجته المتذمرة على ما سمح به الرب "إحدى الجاهلات" (أي 2: 10). قيل عن الجاهل: "ولا يُدعى اللئيم (نابال) بعد كريمًا، ولا الماكر يُقال له نبيل. لأن اللئيم يتكلم باللؤم، وقلبه يعمل إثمًا ليصنع نفاقًا، ويتكلم على الرب بافتراء" (إش 32: 5-6)؟ "الجاهل" هنا يعني شخصًا تافهًا، مستهترًا، وضيعًا. إنسان رأسه مملوء وحلًا وقلبه دنس، يسلك في الظلمة . "ليس إله": لا يؤخذ هذا التعبير بمعناه الحرفي، أي أن كل جاهل هو ملحد، ينكر وجود الله؛ إنما يعني هنا الإلحاد العملي، حيث لا ينكر البعض وجود الله، لكنهم ينكرون عنايته الإلهية، وإن لم ينكروا عنايته بألسنتهم فبقلوبهم وأفكارهم الداخلية، يرون في الله الكائن القاسي الذي يترصد للإنسان ليعاقبه على كل خطيةٍ أو ضعفٍ في حياته. * من يفكر حسنًا ولا يعرف أن الله موجود؟! لكن يحدث مرارًا وتكرارًا أنه بالرغم من أن الحقيقة تُلزمنا بأن نتعرف على الله، إذًا الملذات الشريرة تحثنا على إنكار وجود الله، فننطق في قلوبنا بمشورة الشر لكي نتقبلها، هذه التي تضاد الإيمان . القديس هيلاري أسقف بواتييه * من يتجاسر ويقول بأنه ليس إله هو عديم الفطنة وجاهل. هذه هي سمة ربساريس وربشاقي، لأنهما قالا هكذا: "هل أنقذَ آلهة الأمم بلادهم والمتعبدين لهم، فكيف يحميكم إلهكم ويحمي مدينتكم؟!" أما بقلبيهما وضميرهما فقالا إنه ليس إله. فالنبي بإلهام الروح القدس سبق وعلم ما في ضميرهما (2 مل 18). وأيضًا نقول إن الذين ينكرون لاهوت المسيح هم جهال، لأن مرامهم أن ينقضوا عظائمه الظاهرة التي تثبت لاهوته. وأيضًا الذين يقولون: نعم الله موجود، خالق البداية، لكنه لا يهتم بها؛ هؤلاء يتكلون على القدرة البشرية، وهم جهال. * الذي يقع في أعمال سمجة يقول في قلبه: "ليس إله"، ويخرج من الإيمان الحقيقي، ويسقط في الكفر، لأن بشنائعه يُفسد ما قد زرعه الله في قلوب البشر من الاعتقاد القويم والرأي السليم. لأن الإيمان لا يكون قائمًا إلاَّ بالأعمال، كما كان كرنيليوس وغيره لطهارة سيرتهم، وحسن أعمالهم، استناروا بنور الإيمان المستقيم., أما من كان مضادًا لذلك فإنه فاسد. الأب أنثيموس الأورشليمي * يبدأ الفساد بالاعتقاد الشرير، عندئذ تُنزع الأخلاقيات، وبعد ذلك تُفعل الشرور الأثيمة جدًا؛ هذه هي الدرجات... فاسدون هم هؤلاء الرجال ونجسون بالآثام. إنهم يقولون: "إن كان ابن الله فلينزل من على الصليب". اُنظر فإنهم يقولون علانية: "إنه ليس إله". القديس أغسطينوس "فسدوا ورجسوا رجاسة، ليس من يعمل صلاحًا". يتحدث واضع المزمور عن الفساد العام الذي حلّ بالبشرية منذ سقوط آدم وحواء. "ورأى الله الأرض، فإذا هي قد فسدت، إذ كان كل بشرٍ قد أفسد طريقه على الأرض" (تك 6: 12). يستخدم المزمور كلمة "إلوهيم"، أي الله الخالق، فإن كانت الشعوب قد رفضت الدخول في عهد معه، ولم تقبل سكناه في وسطهم، فهو كخالقٍ محبٍ لخليقته، يتطلع على بني البشر جميعًا، لعلهم يفهمون سماته كمحب للبشر فيطلبونه. وكما جاء في المزمور 33: "من السماوات نظر الرب. رأى جميع بني البشر. من مكان سكناه تطلع إلى جميع سكان الأرض" (مز 33: 13-14). إن كان ثمرة الجهالة أو الحماقة أن يظن الإنسان أن الله منعزل في سماواته لا يبالي ببني البشر، فإن المرتل من جانب آخر، يبرز أن الله في تواضعه يستخدم التعبيرات البشرية. إنه يتطلع إلى جنس البشر لكي يسكب فيهم الفهم والحكمة، فيدركون رحمته، ويقبلون الدخول في عهدٍ معه. بقوله: "ارتدوا معًا" يبرز المرتل العمل الجماعي، وكأن البشرية قد اتفقت معًا على الارتداد عن الله خالقهم والمهتم برعايتهم. لقد رفضت البشرية الحق الإلهي، واتفقت معًا على السلوك في الطرق الملتوية. اَللهُ مِنَ السَمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي البَشَرِ لِيَنْظُرَ: هَلْ مِنْ فَاهِمٍ طَالِبِ اللهِ؟ [ع2] يرى القديس أغسطينوس أن هذه العبارة تثير تساؤلًا: هل الله لا يعلم كل شيءٍ، حتى يتطلع من السماء لينظر؟ يجيب على هذا السؤال أن الكتاب المقدس كثيرًا ما يشير إلى أعمالٍ الله بطريقة بشرية من أجلنا نحن. فعندما يقول: "لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (1 كو 2: 10)، لا يعني أن الروح يحتاج إلى أن يفحص ليعرف أعماق الله، إنما كُتب هذا لكي نشتاق نحن أن نفحص الأسرار الإلهية بروح الله القدوس. هكذا عندما يقول هنا أن الله ينظر من السماء إلى بني البشر، فيجدهم جميعًا وقد حلّ بهم الفساد. لم يكن الله غير عالمٍ بهذا، إنما هذا التعبير غايته أن يعلن للبشرية حقيقتهم، ويطلب كل إنسانٍ الخلاص من الفساد الذي حلّ به كما بإخوته. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 73 | نصرة الإيمان |
مزمور 53 - عدم الإيمان يقود إلى اللاأخلاقيات |
مزمور 44 - امتحان الإيمان الحاضر |
مزمور 37 - بركة الإيمان |
مزمور 11 - الإيمان أعظم من الهروب |