|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مجد الملك: تطلَّع المرتل إلى العرس فرأى عريسًا فريدًا ليس من وجه للمقارنة بينه وبين بني البشر، فقال: "إنك أبرع جمالًا من بني البشر" [2]. كتب القديس أغسطينوس يتغنى بربنا يسوع المسيح بكونه أبرع جمالًا من بني البشر: [إنه جميل في السموات بكونه الكلمة مع الله (الآب)؛ جميل على الأرض وهو متسربل بالطبيعة البشرية؛ جميل في الرحم، وجميل بين ذراعيْ والديه؛ جميل في المعجزات، جميل في جلده بالسياط؛ جميل في منحه الحياة، وجميل في عدم رفضه الموت؛ جميل في بذله ذاته، وجميل في أخذها ثانية؛ جميل على الصليب، وجميل في القبر، وجميل في عودته إلى السماء]. هكذا نراه أبرع جمالًا في طبيعته بكونه كلمة الله الواحد مع أبيه والمساوي له في الجوهر، وأبرع جمالًا في عمله الخلاصي وبذله آخر قطرة من دمه لأجل خلاص محبوبه الإنسان... تبقى أعماله الخلاصية موضوع تسبيح الأرضيين والسمائيين. * أي جمال؟ إنه جمال القيامة، بكونه أبرع جمالًا من بني البشر. * فاق كل بني البشر جمالًا، ابن القديسة مريم وعريس الكنيسة المقدسة، الذي جعل الكنيسة تشبه أمه، فقد صيّرها أمًا لنا وحفظها عذراء لنفسه . القديس أغسطينوس * أتساءل: لماذا (لم يقل): أبرع جمالًا من الملائكة أيضًا؟ لماذا يقول "أبرع جمالًا من بني البشر"، إلا لأنه صار إنسانًا...؟! حتى وهو إنسان هو أبرع جمالًا من بني البشر. ومع كونه حالًا بين بني البشر وقد صار منهم... إلا أنه أبرع جمالًا من بني البشر! القديس أغسطينوس لا يُفهم الجمال هنا بمعنى مادي أو جسداني بل بمفهوم روحي. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لئلا تفهموا إنه يتحدث عن الجمال الجسدي يقول المرتل إنه يقوم على الطاعة، وهذه ليست جمالًا للجسد بل للنفس، إذ يقول إذا فعلتم هذا تصيرون في جمال ومحبوبين في أعين عريسكم ]. رأى بعض الآباء مثل الشهيد يوستين وترتليان والقديس أكليمندس الإسكندري في التجسد الإلهي إخلاء الرب وتنازله حتى عن الجمال الجسدي، غير أن الغالبية العظمى للآباء رأوا فيه جمالًا جسديًا مع الجمال الروحي كانعكاس لعمل اللاهوت فيه، فيقول القديس جيروم: [اختفى لاهوته ببهائه وعظمته تحت حجاب الجسد، وبعث بأشعته على ملامحه الجسدية، فسبى كل الذين كان لهم غبطة التطلع إليه ]. إن ما يشغل قلبنا هو جمال عمله الخلاصي العجيب وبهاء شخصه، إذ هو وحده بلا عيب. لهذا يليق بعروسه أن تحمل سمة جماله بانعكاس بهائه عليها. * حقًا يليق بعريسنا الأبرع جمالًا من بني البشر ألا يجد فينا شيئًا من الخطايا السابق ذكرها لئلا تسيء إلى عيني عزته. الأب قيصريوس أسقف آرل يرى المرتل أن سرّ جمال السيد هي كلمات النعمة التي تفيض من شفتيه: "انسكبت النعمة من شفتيك، لذلك باركك الله إلى الدهر" [2]. يقول القديس باسيليوس الكبير: [إن النبيإذ تفرس في بهاء مجد لاهوت الابن نطق بهذا القول مشتاقًا إلى جمال لاهوته، وقد فاضت النعمة على شفتي الابن، كما جاء في الإنجيل المقدس أن الجموع كانت تتعجب من كلمات النعمة الخارجة من شفتيه (لو 4: 22)؛ فقد كان يجتذب سامعيه بفرح ويقنعهم ويقودهم إلى التلمذة له، حتى أنه في مدة يسيرة انتشر كلامه بكرازة الإنجيل في كل المسكونة. لقد أدرك معلمنا بطرس الرسول قوة كلماته وفاعليتها، فقال: "إلى من نذهب؟! كلام الحياة الأبدية عندك" (يو 6: 68). وتتحدث الكنيسة في سفر النشيد عن جاذبية كلمة المخلص، قائلة: "اجذبني وراءك فنجري" (نش 1: 2). * نعومتها (عذوبتها الشديدة) تدل على فيض نعمة تعليمه . العلامة أوريجانوس * تعني "النعمة" هنا ما حلّ بالجسد... لأنه قد انسكبت كل نعمة في ذاك الهيكل. فلم يعطِ الروح القدس ذاك الهيكل مكيالًا معينًا، "لأنه من ملئه نحن أخذنا" (يو 1: 16). نال هذا الهيكل النعمة في كل ملئها وفيضها... فكانت النعمة بالحق كاملة، أما في البشر فقليلة، ولا تزال كقطرة من تلك النعمة. القديس يوحنا الذهبي الفم هكذا يُحسب القديس يوحنا الذهبي الفم أن ما نناله من نعم أشبع بقطرة نتقبلها من السيد المسيح الذي باتحاد لاهوته بناسوته قدم ملء النعمة للناسوت غير المنفصل عنه ليكن مصدر نعم لنا. وهكذا كثيرًا ما يكرر القديس كيرلس الكبير بأن الكلمة الإلهي أخذ إنسانيتنا ليجدد طبيعتنا الفاسدة، فنرى فيه مصدر كل تجديد ونعم سماوية. يمكننا الكشف عن زوايا من النعم التي تفيض من شفتيه، مثل: 1. تمتعنا بالكلمة ذاته المتجسد، نتناول جسده ودمه المبذولين سرّ نعمة لاتحادنا معه، وثبوتنا فيه، إذ يقول: "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير" (يو 6: 54). 2. قدم بشفتيه كلمته التي تُنير البصيرة الداخلية وتجتذب النفوس إلى خلاصه، فقد قيل: "فلما جلس تقدم إليه تلاميذه، ففتح فاه وعلمهم... فلما أكمل يسوع هذه الأقوال بُهتت الجموع من تعليمه، لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة" (مت 5: 1-2؛ 7: 28-29). 3. بكلماته يهب الغفران من عندياته: "مغفورة لك خطاياك" (لو 7: 48). 4. بكلمات نعمته الواهبة الحياة كان يشفي الأمراض، ويعزي الحزانى، ويُبكم المقاومين، ويخرج الشياطين، ويقيم من الموت. 5. بكلماته فتح أمامنا أبواب الفردوس، إذ يقول: "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23: 43). تبقى كلمات السيد المسيح التي تفيض نعمة ينطق بها حتى بعد صعوده، وذلك خلال رسله وتلاميذه والكارزين بإنجيله... إذ يمثل هؤلاء شفتيه اللتين تفيضان بنعمته. ماذا يعني المرتل بقوله: "لذلك باركك الله إلى الدهر" [2]؟ يُجيب الأب أنثيموس الذي اعتمد على كتابات الآباء، إنه يتحدث هنا من جهة ناسوته، فمع كونه كلمة الله المتجسد، الواحد والمساوي للآب في ذات الجوهر، لكنه من جهة الناسوت وكممثل للبشرية يدعو أباه السماوي إلهًا، وبحسب الناسوت كان يتقدم في الحكمة والقامة (لو 2: 52)، ليس متدرجًا فيهما بل معلنًا إياهما تدريجيًا... فالحكمة ليست أمرًا غريبًا عنه، إذ هو "حكمة الله"، لكنه كان يظهر تدريجيًا، ويمارسها بكونه إنسانًا حقيقيًا. يقول أيضًا إن بقوله "باركك الله" إنما يعلن ما تناله الكنيسة من بركات إلهية خلال الرأس وباسمه... حينما تتبارك الكنيسة كجسد المسيح يُقال عن المسيح الرأس إنه تبارك مع أنه هو واهب البركة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 110 | المسيا الملك |
مزمور 93 | الملك القدوس |
مزمور 93 | الملك القدير |
مزمور 76 | عمل الملك الكاهن |
مزمور 45 - المسيا الملك |