القديس أفراهاط الحكيم الفارسي
الصلاة الخفيَّة
10. بالمثل علمنا مخلِّصنا هذا النوع من الصلاة. يجب أن تصلِّي سرًا لذاك الذي هو في الخفاء وهو يرى الكل، هكذا قال السيِّد المسيح: "أدخل إلى مخدعك، وأغلق بابك، وصلِّ إلى أبيك الذي في الخفاء، فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية" (مت 6: 6).
أحبَّائي، لماذا يعلمنا مخلِّصنا قائلاً: "صلِّ إلى أبيك في الخفاء، والباب مغلق"؟
سوف أريكم ذلك على قدر استطاعتي. تعرِّفنا كلمات سيِّدنا أن تصلِّي بقلبك في الخفاء، والباب مغلق، لكن ما هو الباب الذي يجب أن تغلقه؟ إن لم يكن هو فمك، لأنه هو الهيكل الذي يسكن فيه المسيح، كما قال الرسول: "أما تعلمون أنكم هيكل الله؟" (1 كو 3: 16)، فلكي يدخل الله إلى إنسانك الداخلي في هذا المسكن، يجب أن يُنظِّف من كل شيء غير طاهر، بينما يكون الباب، أي فمك، مغلقًا.
إن لم يكن هكذا، فكيف نفهم هذه العبارة؟
اِفترض أنك كنت في الصحراء، حيث لا يوجد بيت ولا باب، كيف لا تستطيع أن تصلِّي في الخفاء؟
وإذا حدث أنك كنت فوق قمَّة جبل كيف لا تقدر أن تصلِّي؟
أوضح مخلِّصنا كذلك كيف أن الله يعرف إرادة القلب والفكر، كما قال الرب: "أبوكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه" (مت 6: 8).
وكما كُتب أيضًا في إشعياء النبي: "ويكون أني قبلما يدعون أنا أجيب، وفيما هم يتكلَّمون أنا أسمع" (إش 65: 24). مرَّة أخرى يقول إشعياء بخصوص الأشرار: "فحين تبسطون أيديكم، أستر عينيّ عنكم، وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع" (إش 1: 15). كما قال حزقيال النبي: "إن صرخوا في أذنيّ بصوت عال لا أسمعهم" (حز 8: 18). قال هذا عن الصلاة الغاشة غير المقبولة، اِسمع كل كلمة بتمييز، وتمسَّك بمعناها.