|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مريم المجدليّة: رسولة الرجاء وتلميذة في خدمة الكنيسة الناشئة
في يوم الأحد جَاءَت مريـم المجدلية إلى القبر عند الفجر، والظلام لم يَزَل مُخيّمًا، فرأت الحجر قد أُزيل عن القبر، فأسرعت وجاءَت إلى سمعانَ بُطرس والتلميذِ الآخر الذي أَحبَّهُ يسوع، وقالت لهنا: "أخذوا الرّبّ من القبر، ولا نعلم أين وضعوه. فخرَجَ بُطرس والتلميذُ الآخر وذهبا إلى القبر يُسرعان السَّيْرَ معًا... أَمَّا مريـم، فكانت واقفةً عند مدخلِ القبر تبكي... لماذا تبكين أيّتُها المرأة، وعمّن تبحثين؟ فقال لها يسوع: "مريم!"، فالتفتت وقالت له بالعبرية: "رابّوني!"، أي يا معلم. فقالَ لها يسوع: "لا تُمسِكيني، إنِّ لم أصعد بعدُ إلى أبي، بل اذهبي إلى إخوتي، فقولي لهم إنِّي صاعِدٌ إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهِكم". فجاءت مريـم المِجدَليَّة وأخبرت التلاميذ بأن "قد رأيتُ الرَّبّ" وبأنه قال لها ذاك الكلام (يوحنا ٢٠: ١-١٨). مريم المجدلية رسولة الرجاء مريم المجدلية رأت الرّبّ يسوع، ودعاها باسمها وأيقظها من سبات الحزن جاعلاً منها شاهدة للقيامة والرجاء. إنّ عيني مريم المجدليّة كانتا مذروقتين بالدموع لأنهما وجدتا القبر الذي وضع فيه يسوع فارغًا "أخذوا الرَّب من القبر، ولا نعلم أين وضعوه" (يوحنا ٢٠: ٢)، ولكنهما بعد ذلك أصبحتا إنعكاسًا لفرح لا يُوصف، لأنهما أصبحا شلالاً يغمر الحياة بأسرها. هاتان العينان اللتان التقيتا بعيني المسيح لم تتوقفا أبداً عن التحديق به: أولاً: عند أقدام الصليب (يوحنا ١٩: ٢٥). وثانيًا: أمام القبر الفارغ (يوحنا ٢٠: ١)، وثالثًا: اتقدتا حُباً وشهِدتا لهذه الحقيقة أمام الرسل، فهي أول من أعلن أن يسوع قد انتصر على الموت (يوحنا ٢٠: ١٨). عند هذه الأمانة التي جعلت مريـم المجدلية تبقى أمام القبر الفارغ، وعند الدهشة التي شعرت بها لدى سماعها لصوت يسوع، الإله الذي يهتم لحياتنا ويريد أن يرفعها وليقوم بذلك هو يدعونا باسمنا ويعترف بفرادة كل شخص منا، لأن كل إنسان هو قصّة حب يكتبها الله على هذه الأرض. كل شخص منا هو قصّة حب يكتبها الله، والله يدعو كلٌّ منا باسمه: هو يعرفنا بأسمائنا وينظر إلينا ويغفر لنا ويصبر علينا. وكُلُّ واحد مِنّا يختبر هذا الأمر من خلال حياته اليومية. مريم المجدلية مثال لإعلان الإيمان إيمان حي كأمواج البحر أثناء العاصفة، تقلب حياتِنا ووجودنا في هذا العالم المضطرب بالهموم والصعوبات والمشاكل وتغيّر له مساره، وتمنعنا من البقاء منعزلين عن بعضنا، بل تدفعنا لكي نعلن أن الرب حي وهو بيننا. وهكذا أصبحت تلك المرأة، التي كانت فريسة الشرير قبل أن تلتقي بيسوع، تلميذة جديدة ورجاء كبير. لتتأمل حياتها وتوبتها كي نعيش نحن أيضًا هذه الخبرة: أن نسمع، عند ساعة البكاء والتنهدات، يسوع يدعونا بإسمنا فننطلق بقلوبنا المملوءة فرحًا لنعلن نحن أيضًا قائلين: "قد رأيتُ الرَّبّ!". لقد تغيّرت حياتي لأنني رأيت الرب، وأنا الآن شخص مختلف كليًا عن الماضي، أنا شخص آخر. لقد تغيّرتُ لأنني رأيت الرب! هذه هي قوّتنا وهذا هو رجاؤنا. هناك التباسات عديدة حول حياة القديسة مريم المجدليّة التي يصفها القديس توما الأكويني بـ"رسولة الرسل"، فالتقليد غالبًا ما اعتبرها زانية لأنّه –وكما يكتب الكاردينال جانفرانكو رافازي رئيس المجلس البابوي للثقافة– وفي الفصل السابع من إنجيله يخبر القديس لوقا عن توبة إمرأة خاطئة كانت في المَدينة، فجاءَت ومعَها قاروةُ طِيبٍ ، ووَقَفَت مِنْ خَلْفُ عِندَ رِجْلَيه وهيَ تَبْكي، وجَعَلَت تَبُلُّ قَدَمَيه بِالدُّموع، وتَمسَحُهُما بِشَعْرِ رَأسِها، وتُقَبِّلُ قَدَمَيه وتَدهُنُهما بِالطِّيب. ولكن هناك التباس آخر يشرح الكاردينال رفازي لأنّه وبحسب الإنجيلي يوحنا فإن مريم اخت مرتا ولعازر قد دهنت أيضاً بالطيب رجلي يسوع. وبالتالي هناك بعض التقاليد الشعبية التي تعتبر أن مريم المجدلية هي مريم من بيت عنيا بعد أن تمَّ الخلط بينها وبين المرأة الزانية في الجليل. مريـم المجدلية تلميذة في خدمة الكنيسة الناشئة وقد وصف البابا فرنسيس مريم المجدلية بالمرأة الخاطئة (يوحنا ٨: ١-١١) التي كان يستغلّها ويحتقرها الأشخاص الذين كانوا يعتبرون أنفسهم أبراراً وصالحين، ولكنها هي أيضاً المرأة التي قال عنها يسوع إِنَّ خَطاياها الكَثيرَةَ قد غُفِرَت لَها، لأَنَّها أَظهَرَت حُبّاً كثيراً. وفي ظلام نفسها كانت تبكي وتستسلم، وعيناها اللتان أكلتهما الدموع هما العينان اللتان لن تتركا أبداً وجه المسيح. أحياناً تكون الدموع في حياتنا النظارات التي من خلالها يمكننا أن نرى يسوع القائم من بين الأموات. وإزاء مريم المجدليّة التي كانت تبكي يمكننا نحن أيضًا أن نطلب من الرب نعمة الدموع. إنها نعمة جميلة لخلاصنا. أن نبكي من أجل الخير ومن أجل خطايانا، من أجل النعم التي نلناها ومع الأسف لم نعرف قيمتها، ولا عملنا بها. وأن نبكي من الفرح أيضًا، لإن البكاء يُعدُّنا لكي نندم على خطايانا التي فعلناها في الماضي، وفي الحاضر، نرى يسوع فاتحًا يديه ليستقبلنا ويمنحنا جَميعًا، وبدون إستثناء، نعمةً وهي أن نقول في حياتنا وبدون خوف: "لقد رأيت الرب" (يوحنا ٢٠: ١٨)، وليس لأنه ظهر لي بل لأنني التقيته ورأيته في وحفظته في قلبي. |
|