|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"أغسل يديَّ بالنقاوة. وأطوف بمذبحك يا رب. لكيما أسمع صوت تسبيحك، وانطق بجميع عجائبك يا رب أحببت جمال بيتك وموضع مسكن مجدك [6-8]. تدل هذه العبارة على أنه حفظ نفسه من خطية عبادة الأوثان. كان داود النبي يغسل يديْ نفسه أمام الله قلبيًا، كما كان ملاصقًا لمذبح الله الروحي. كانت عادة الكهنة أن يطوفوا حول المذبح أثناء تقديم الذبيحة، وغالبًا ما كان مقدموا الذبيحة أيضًا يمارسون ذات الفعل من بُعد، مشيرين بهذا إلى اجتهادهم وجديتهم بخصوص ما يُفعل (تقديم الذبيحة عنهم)، وأنهم يصغون بجدية إلى خدمة الرب . كان غسل الأيدي عملًا رمزيًا للنقاوة، لكن غالبية اليهود ركزوا كثيرًا على ذات الفعل في ذاته. فقد قيل بين اليهود: "كل من يحتقر غسل الأيدي يُقطع من المجمع، ويصيبه الفقر، وسوف يُنتزع من العالم!" وفي قول آخر: "كل من كان له مقعد في أرض إسرائيل، ويأكل طعامه العام بطهارة (يدين)، وينطق باللغة المقدسة، ويردد صلواته صباحًا ومساءً، فليتيقن أنه سينال حياة الدهر الآتي". ويخبرنا اليهود أن أحد أفاضلهم R.Aquiba إذ كان في السجن ولم يكن لديه ماء كافٍ ليشرب ويغسل يديه اختار أن يمارس العمل الأخير، قائلًا: "من الأفضل لي أن أموت عطشانًا عن أن أتعدى التقليد". ربما عنى داود النبي بغسل يديه بالنقاوة إظهار براءته من الاتهامات الموجهة ضده، ومن الجرائم التي نُسبت إليه ظلمًا. ونحن أيضًا إذ نلتقي بالسيد المسيح المصلوب نغسل أيدي نفوسنا من الماء والدم اللذين يفيضان من جنبه، فإن مياه العالم كله لا تقدر أن تُطهر الأعماق، بل مياه المعمودية المرتبطة بالإيمان بدم المسيح الكفاري تجدد طبيعتنا وتُطهر أعماقنا. مادمنا في العالم نحتاج إلى غسل مستمر خلال التوبة "المعمودية الثانية"، وذلك بفعل كلمة الله وروحه القدوس. كلام الله روح وحياة... قادر أن يخترق النفس إلى أعماقها ليهبها نقاوة وتقديسًا... * "أغسل يديَّ بالنقاوة"، وليس بماءٍ منظور. إنك تغسل يديك عندما تنجز أعمالك خلال أفكار مقدسة ونقية في عينيْ الله، فإنه يوجد مذبح أمام عينيْ الله، الذي يدخل إليه الكاهن (المسيح) الذي قدم نفسه أولًا ذبيحة من أجلنا. هذا المذبح عالٍ، لا يستطيع أحد أن يدركه إلا من يغسل يديه بالنقاوة. القديس أغسطينوس * تلاحظون أن الشماس يقدم ماءً للكاهن ليغتسل كما أيضًا للكهنة الذين هم حول المذبح الإلهي؛ وهو بالتأكيد لا يقدمه بسبب افتقادهم للطهارة الجسدانية، فليس هذا هو السبب، إذ نحن بلا دنس جسدي عند دخولنا الكنيسة. لكن الغسل هو رمز للنقاوة من كل أعمال خاطئة وتعديات؛ فاليدان هما رمز للعمل، وبغسلهما ندخل إلى الطهارة والسلوك بلا لوم. ألم تسمعوا تلك الافتتاحية المطوّبة لهذا السرّ ذاته، إذ يقول: "أغسل يدي وسط الأبرياء فأطوف بمذبحك يا رب"؟ فغسيل الأيدي هو من ثم رمز للحصانة ضد الخطية . القديس كيرلس الأورشليمي |
|