في هذا المزمور يتحدث المرتل عن المعلم العجيب الذي يقدم له رأفاته ومراحمه ليست كأمور خارجية إنما هي من صميم سماته الإلهية، إذ هي أزلية.
الله هو المعلم الأب، طبيعته حب، لا يحتاج إلى من يذكره بمراحمه، لكن داود النبي يقول: "أذكر يا رب رأفاتك"... إنه يُسر بأن يطالبه الابن بحقه في المراحم والرأفات، بكونه منبع الحب الأزلي. إذ نصرخ: "اذكر يا رب" إنما ينير هو أعماقنا لنذكر نحن رأفاته ومراحمه، يعلنها لنا، فنطلبها بروح النبوة الواثقة والمترجية دون يأس.
ينبوع الحب الأزلي، مصدر الرأفات والمراحم، يقدم لنا عهدًا، بدأ مع آدم، ووضع عند تجديد العالم بعد الطوفان مع نوح، وتأكيد مع إبراهيم أب الآباء... وأخيرًا تحقق في أكمل صورة على الصليب، حيث كتب الرب ميثاقه في جسده بالدم الثمين، عهد الرحمة والحق... على الصليب تعانق الحب الإلهي مع العدل، وانكشفت رحمة الله التي لا تنفصل قط عن عدالته.