|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
راعوث في حقل بوعز: "فَقَالَتْ رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ لِنُعْمِي: «دَعِينِي أَذْهَبْ إِلَى الْحَقْلِ وَأَلْتَقِطْ سَنَابِلَ وَرَاءَ مَنْ أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ». فَقَالَتْ لَهَا: «اذْهَبِي يَا بِنْتِي»" [2]. حسب الشريعة كانت تترك سنابل الحصاد الساقطة من وراء الحاصدين للغريب والمسكين (تث 24: 19-22؛ لا 19: 9-10؛ 23: 22). فقد استأذنت راعوث الغريبة الجنس حماتها أن تقوم بهذا العمل وهي أرملة شابة غريبة الجنس. إنها لم تستنكف من العمل أيًا كان نوعه بل ولا عرفت الراحة إِذ شهد الحصادون عنها أمام بوعز: "جاءت ومكثت من الصباح إِلى الآن، قليلًا ما لبثت في البيت" [7]. وفي الترجمة السبعينية: "لم تسترح في بيتها ولا حتى القليل"، وفي ترجمة الفولجاتا: "لم ترجع إِلى بيتها ولا حتى القليل". إِنها جاءت مبكرة للعمل ولا تجعل للراحة الجسدية أو للتراخي موضعًا في حياتها. كأن راعوث تمثل جماعة الأمم التي قبلت الناموس روحيًا (نعمي)، وفي نفس الوقت بينما بقى رجال الناموس (نعمي) في البيت بلا عمل إِنطلق هؤلاء إِلى حقل بوعز الحقيقي وراء الحصادين تجمع كل سنبلة ساقطة على الأرض لتضمها لحساب المسيح. حقًا أنها لم تحرث الأرض ولا ألقت بالبذار فيها ولا عملت لكنها جاءت تجمع من الحصاد بعد أن تعب الآباء الأولون والأنبياء قديمًا، وذلك كقول السيد المسيح لتلاميذه: "لأنه في هذا يصدق القول أن واحدًا يزرع وآخر يحصد؛ أنا أرسلتكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه؛ آخرون تعبوا وأنتم قد دخلتم على تعبهم" (يو 4: 37-38). على أي الأحوال لم تكن راعوث بالإنسانة المدللة، بل الإنسانة المجاهدة التي تركت الحياة السهلة في بلاد موآب وسط عشيرتها وآلهتها، وجاءت في نضوج وجهاد تعمل في حقل بوعز في بيت لحم بأرض يهوذا، تعمل من الصباح حتى المساء دون أن تطلب الراحة... تجمع من الحصاد ما قد تعب فيه الزارعون قبلها! خلال جهادها استحقت أن يسأل عنها بوعز: "لمن هذه الفتاة؟" [5]. لم يقل: من هذه الفتاة؟ وإنما: لمن هذه الفتاة؟ فقد كانت العادة في الشرق أن تنسب كل فتاة أو اِمرأة لرجل، وبكونها ابنته أو زوجته أو أمته. وإِذ لم يعرف الحصادون لها رجل ينسبونها إِليه، أجابوا: "هي فتاة موآبية قد رجعت مع نعمي من بلاد موآب" [6]. هذا هو حال كنيسة الأمم التي تركت أباها القديم وجاءت إِلى يهوذا بلا رجل... إِنها غريبة الجنس، محتاجة إِلى عريس يضمها إِليه وينسبها لنفسه. لقد عاشت راعوث مع نعمي كما مع الناموس روحيًا لكنها بلا رجل تنتظر المسيح يسوع عريسًا لها. لقد أنصتت للقول الإلهي: "اسمعي يا بنتِ وانظري وأميلي أذنكِ وانسي شعبكِ وبيت أبيكِ، فيشتهي الملك حسنك لأنه هو سيدك فاسجدي له" (مز 45: 10-11). إِنها رفضت كل ماضيها وخبرتها وانتسابها للشيطان لتتقبل العريس السماوي. وكما يقول القديس أغسطينوس: [عندما جاء الأمم، جاءوا من عند الشيطان أبيهم، وقد جحدوا بنوتهم له]، كما يقول: [إلهك هو ملكك، وملكك هو أيضًا عريسك؛ لقد خُطبت لملكك الذي هو إِلهك، به تزوجت، وبه تزينت، وبه خلصت، وبه شُفيت، كل ما لديك مما يسره فهو من عندياته ]. |
|