|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تحويل العصا إلى حية: سأل الله موسى: ما هذه التي في يدك؟ فقال: "عصا" [2]. ألم يعلم الله ما بيد موسى، فلماذا سأله هكذا...؟ يجيب القديس يوحنا الذهبي الفم قائلًا: [حتى عندما يراها حيَّة لا ينسى أنها هي التي كانت عصا، متذكرًا كلماته هو عنها فيتحير بسبب هذا الحدث(86)]. هذه هي طريقة الله في تعامله معنا كأن يسأل عن لعازر قائلًا: "أين وضعتموه؟" (يو 11: 34)، حتى متى أقامه يشهد اليهود أنفسهم أنه أقامه من القبر. لقد أمر الرب موسى أن يُلقي عصاه، التي دُعيت فيما بعد عصا الله [20] على الأرض، فتصير حية تبتلع كل حيات المصريين. الله الكلمة هو عصا الله وقوته الذي نزل على الأرض من أجلنا، "هذا الذي لم يعرف خطية صار خطية لأجلنا" (2 كو 5: 21)، لكي يقتل كل خطايانا؛ أي حملت المعجزة ظلالًا لسريّ التجسد والصليب. يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [ليت تحويل العصا إلى حيَّة لا يقلق محبِّي المسيح، إن كنا نتقبل التعليم الخاص بالتجسد خلال حيَّة غير لائقة، فإن الحق نفسه لم يرفض هذه المقارنة، إذ يقول: "وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا يُرفع ابن الإنسان" (تك 3: 14). فالتعليم واضح، لأنه إن كان والد الخطية دعاه الكتاب المقدس "حية"، فالمولود من الحية بالتأكيد هو حية، إذن فالخطية هي مرادف مشترك مع الذي يلدها. يشهد النطق الرسولي بأن الرب قد صار خطية لأجلنا، إذ لبس (شبه) طبيعتنا الخاطئة (2 كو 5: 21). ينطبق هذا الرمز بحق على الرب، لأنه إن كانت الخطية هي حية، والرب صار خطية، إذن النتيجة المنطقية واضحة للجميع. بكونه صار خطية صار أيضًا حية، هذه التي ليست إلاَّ أنها خطية. من أجلنا صار حيَّة لكي يلتهم حيَّات المصريين التي أوجدها السحرة ويقتلها]. أيضًا يقول القديس أغسطينوس: [إلى أي شيء أغرت الحية الإنسان؟ إلى الموت (تك 3: 1). لذلك فإن الموت جاء عن الحية... إذن فالعصا التي صارت حيَّة هي المسيح الذي دخل إلى الموت...]. وتحدث أيضًا القدِّيس إيرينئوس والقديس كيرلس الإسكندريعن هذه العصا المتحولة إلى حية كرمز للتجسد الإلهي، والقدِّيس يوستينوالقديس أمبروسيوس كرمز للصليب. أما العلامة ترتليان والقديس أمبروسيوس أيضًا فرأيا فيها رمزًا للقيامة، إذ يقول الأخير هل الذي جعل من العصا حيَّة ألاَّ يقدر بإرادته الإلهية أن يعيد العظام، وتعود الحياة للموتى مرة أخرى؟! ويعلق القديس أغسطينوس على خوف موسى من العصا المتحولة إلى حيَّة وهروبه منها قائلًا: [ما هذا أيها الإخوة إلاَّ ما نعرف أنه حدث في الإنجيل؟! فقد مات المسيح فخاف التلاميذ وهربوا]. كما قارن القديس يوحنا الذهبي الفم بين خوف موسى هنا وخوف التلاميذ عندما رأوا السيِّد ماشيًا على البحر (مت 14: 25-26)، فالإنسان يخاف ويرتعب عندما يدرك قوة العمل الإلهي . العصا تُشير أيضًا إلى الإيمان، إذ يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [بهذه العصا - كلمة الإيمان - التي في يده، تغلَّب على حيَّات المصريين(97)]. إيماننا بكلمة الله المتجسد المصلوب، وإن كان في نظر اليونانيين جهالة وعند اليهود عثرة، لكنه ابتلع حكمة العالم وفلسفاته البشرية، مقدمًا شفاءً حقيقيًا لجراحات الإنسان. وكما يقول القدِّيس بولس الرسول: "لأنه إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة، استحسن الله أن يخلِّص المؤمنين بجهالة الكرازة... لأن جهالة الله أحكم من الناس، وضعف الله أقوى من الناس" (1 كو 1: 21، 25). ويتحدث القديس أمبروسيوس عن قوة الإيمان الشافي خلال هذه الحية قائلًا: [هذا يعني أن الكلمة صار جسدًا ليُبيد سمّ الحيات القاتلة، لغفران الخطايا. لأن العصا تُمثل الكلمة. هذا حق، أنه عصا ملوكي صاحب سلطان ومجيد في حكمة. صارت العصا حية، لأن ابن الله المولود من الآب صار ابن الإنسان مولودًا من امرأة، ورُفع كالحية على الصليب، وسكب الدواء الشافي لجراحات الإنسان، كقول الرب نفسه: "وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا يرفع ابن الإنسان" (يو 3: 14)]. أخيرًا، فإن عودة الحية إلى عصا مرة أخرى إنما تُشير إلى السيِّد المسيح الصاعد إلى السموات، إلى أمجاده بعدما مزق الصك الذي كان علينا، ليُقيمنا معه ويجلسنا معه في السمويات، شركاء معه في المجد، نستقر في حضن أبيه ببره. |
|