|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قلبك هو السبب تقول "فلان قد أضاعني" أقول لك "لم يضيعك سوى قلبك". لو كنت قويًا غير قابل للضياع، ما استطاع أن يضيعك.. ثم إن فلان هذا لا يستطيع أن يحاربك إلا من الخارج. فإن كان الداخل سليمًا، فلن يضرك في شيء.. إن البيت المبنى على الصخر، لم تستطع الأمطار والأنهار والرياح أن تسقطه، لأنه كان مؤسسًا على الصخر (مت35:7). والفلك أحاطت به المياه غزيرة جدًا، ولم تستطيع أن تغرقه، لأنه لم يكن فيه ثقب تدخل منه المياه كما كان الله في داخله.. صدق القديس يوحنا ذهبي الفم، حينما قال: "لا يستطيع أحد أن يؤذي إنسان، ما لم يؤذ هذا الإنسان نفسه". تقول: الكلام الذي سمعته غير أفكاري وشككني! أقول لك هو قلبك القابل للتشكك. لو كنت ثابتًا في قلبك، ما كان الشك يدخل إليه، مهما سمعت من كلام.. لصان أحاطا بالمصلوب. أحدهما جدف عليه، والآخر آمن به ربًا وملكًا، واعترف بذلك ودخل الفردوس (لو39:23-43).. بينما المصلوب هو نفس المصلوب، والظروف الخارجية واحدة بالنسبة إلى اللصين. ولكن قلب أحدهما كان غير قلب الآخر.. هل كان الشك في كلام توما أم في قلبه؟ قطعًا كان الشك في قلبه. ولم يكن في لسانه، ولا في إصبعه الذي أراد أن يضعه مكان الجروح! أتقول: الضيقات زعزعتني؟! أقول لك: لو كان قلبك قويًا ما كان يتزعزع.. لقد قلت لكم من قبل: إن الضيقة سميت ضيقة، لآن القلب ضاق بها ولم يتسع لها. أما القلب الواسع فإنه لا يتضيق بشيء، كما قال القديس بولس لأهل كورنثوس "فمنا مفتوح لكم أيها الكورنثيون، قلبنا متسع، لستم متضيقين فينا، لكنكم متضيقون في أنفسكم.. لذلك أقول كما لأولادي: كونوا أنتم أيضًا متسعين" (2كو11:6-13). القلب الواسع يتناول المشكلة ويحللها، ويأخذ بركتها ويحيلها إلى الله ليحلها.. صفات القلب الروحية أولًا هو القلب النقي. ولذلك يقول الرب في تطويباته "طوبى لأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله" (مت8:5). يذكر الرسول القلب الطاهر، فيقول" وأما غاية الوصية، فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح" (1تى5:1). كما يذكر أيضًا القلب الصادق (عب26:10)، وبساطة القلب (كو2:3). ويتحدث المزمور عن القلب الثابت المتكل على الله (مز7:112). ويذكر أيضًا القلب المتخشع (المنكسر) والمتواضع، الذي لا يرذله الله (مز50). والذي هو أفضل من الذبائح. وقيل عن السيد المسيح إنه "وديع ومتواضع القلب" (مت29:11). وحذر الكتاب من قساوة القلب (مت8:19) (حز7:3). وكذلك من القلب الملتوي (أم20:17). وإن كنا نهتم بنقاوة القلب، فلابد أن نذكر علاقة القلب بالتوبة. يعوزني الوقت إذن أن أحدثك عن علاقة القلب بالتوبة، وأيضًا بالعمل الإيجابي في الحياة الروحية، وعلاقته بالصلاة والعبادة.. القلب والتوبة التوبة الحقيقية هي التوبة الصادرة من القلب. وليست الصادرة من مجرد الإرادة.. لأن الإرادة قد تقوى حينًا، وتضعف في حين آخر. وقد تقوى الإرادة فتمتنع عن عمل الخطية. ولكن مع عدم ارتكابها، تبقى محبتها في القلب، ولا تكون توبة حقيقية. فالتوبة الكاملة هي كراهية الخطية. وهذا يكون عمل القلب. يقول الرب "أرجعوا إلى، أرجع إليكم" (ملا7:3) ويقول: "أرجعوا إلى بكل قلوبكم" (يو12:2). هذا هو الرجوع الحقيقي، لأنه مادامت توجد في القلب خطية محبوبة، لا يكون قد تاب توبة صادقة حقيقية.. وهكذا في التوبة يتحدث الكتاب عن القلب الجديد، الذي تجدد بالتوبة، ويقول الرب في ذلك: "أعطيكم قلبًا جديدًا، وأجعل روحي في داخلكم" (حز26:36). وعبارة "أعطيكم قلبًا جديدًا" تعنى قلبًا جديدًا في مشاعره وفى رغباته، وفى اتجاهه نحو الله بشهوات جديدة ونيات جديدة، ومفاهيم جديدة.. هذه هي التوبة الحقيقية، التي يقول عنها المرنم في المزمور: "من كل قلبي طلبتك" (مز119). والتي يقول عنها الرب في سفر يوئيل "مزقوا قلوبكم لا ثيابكم، وارجعوا إلى الرب إلهكم" (يوء13:2). ويقول توبوا عن كل معاصيكم، وأعملوا لأنفسكم قلبًا جديدًا" (حز31:18). ويقول أيضًا "وأعطيهم قلبًا ليعرفوني" (أر7:24). وفى مزمور التوبة، يقول داود وهو شاعر بأهمية القلب في التوبة: " قلبًا نقيًا اخلق في يا الله" (مز50). إن التوبة ترتبط ارتباطا وثيقًا بنقاوة القلب. والتوبة معناها رجوع القلب إلى الله.. وإذا رجع القلب إلى الله، تصبح الإرادة قوية، قادرة على التخلص من الخطية. أما مشكلة البقاء في الخطية، على الرغم من محاولة تركها، فسببها إن الإرادة وحدها تحاول أن تصل إلى التوبة، بينما القلب لا يريد. التوبة التي من القلب، هي التي تستمر. أما التوبة التي هي مجرد وعود من اللسان، فلا تبقى طويلًا، مادام القلب في الداخل لم تدخله محبة الله، ولم يكره الخطية بعد.. لذلك فإن البعد عن التوبة، يعتبره الكتاب قساوة قلب. وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول: "إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم" (عب7:3،8). وتتكرر هذه العبارة ثلاث مرات في نفس المناسبة، كما في (عب15:3) (عب7:4).. ذلك لأن القلب القاسي الخالي من مشاعر الحب نحو الله، لا تكون فيه أية استعدادات لقبول عمل الله فيه، ولا أية استجابة لشركة الروح. إنه قلب قاس لا يلين، كما كان قلب فرعون الذي لم تؤثر فيه كل المعجزات والعجائب والضربات.. فالذي لا يستمع إلى صوت الرب، هو إنسان قاسي القلب. التوبة ليست كلمات نقولها بألسنتنا. إنما هي تغيير في قلوبنا، لهذا يقول الرب في سفر حزقيال النبي: التوبة الحقيقية هي تغيير في القلب، وتغيير في شهوات الإنسان الداخلية. بحيث يشتهى الخير، بدلًا من اشتهاء الخطية.. وليست التوبة الحقيقية مجرد امتناع خارجي عن الخطية، بينما القلب يشتهيها في الداخل!! لذلك يقول الرب عن التوبة: "أرجعوا إلى بكل قلوبكم" (يوء12:2). فى حياة التوبة، ضع أمامك هذه الحقيقة. إن انتصرت في الداخل، في القلب، انتصرت في الخارج أيضًا. أتقول في الخارج عثرات مغريات حروب، ليكن. وليكن قلبك منتصرًا في الداخل، لا يمكن أن تؤثر عليه كل هذه يوسف الصديق المنتصر في داخله، لم تقو عليه العثرات والمغريات والحروب. أتقول "فلان نرفزني (أغضبني)"؟! كان الأولى أن تقول إن فلانًا أظهر لي الخطأ الموجود في قلبي. لأنه لو كان قلبي قويًا، ما كنت أقع في النرفزة.. إن الخطية تتكرر لأن القلب متمسك بها. والكلام الروحي عن التوبة لا يأتي بنتيجة، لأن القلب لا يريده، أو لأن القلب يرفضه بسبب تعلقه بمحبة خاطئة. العثرات الخارجية تؤثر وتقود إلى الخطية، إن كان القلب يستجيب لها. إما إن كان يرفضها، فهذه العثرات لا تعثره هو.. قد تعثر غيره، إن وجدت في قلب ذلك الغير قبولًا لها.. إذن إصلاح الناس يأتي من الداخل.. إن الانتصار على الخطية يأتي من الداخل. فتاة تقول لها: لبسك، زينتك، شكلك، مكياجك.. أو شاب تقول له: شعرك الطويل بنطلونك الجينز، منظرك.. وتحاول أن تضغط من الخارج، أو تؤنب وتوبخ.. تاركًا القلب كما هو!! اعرف تمامًا أن هذا الأسلوب لا يجدي. المهم هو القلب من الداخل.. الاقتناع القلبي والفكري. هوذا القديس بولس الرسول يقول: "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو2:12). إذن التغير الخارجي، المفروض أن يأتي بالتجديد الداخلي، بذهن يفكر بطريقة جديدة، روحانية، ينفعل بها القلب ومشاعره.. إننا نريد في الوعظ أن نتفاهم مع قلوب الناس، وليس مع آذانهم فقط.. إنما فقط.. إنما يتغير معه القلب أيضًا.. العجيب أن غالبية الناس في اعترافاتهم يعترفون بالخطأ الظاهري فقط، وليس بحالة القلب! إنسان يغضب ويثور ويحتد ويشتم ويدين. ثم يعترف بهذه الخطايا فقط، ويندر أن يعترف بما في داخل القلب من عدم محبة، وعدم احتمال. وبأن القلب خال من الوداعة والتواضع واللطف.. وينقصه احترام الآخرين، ومراعاة مشاعرهم.. هل ننسى خطايا القلب، ونركز على خطايا اللسان؟! بينما خطايا اللسان سببها أخطاء القلب الداخلية، لأنه من فيض القلب يتكلم الفم (لو45:6).. والعجيب أن إنسانا يخطئ هكذا فيقول البعض عنه "حقًا إن كلامه خطأ، ولكن قلبه أبيض"!! كلا يا أخوتي فالقلب الأبيض، ألفاظه بيضاء، والعكس صحيح.. إننا في أحيان أخرى نركز على خطايا الحواس، أو خطايا العمل، وننسى خطية القلب!! نقول باستمرار إن خطية أمنا حواء، إنها خالفت الرب، وقطفت من الشجرة، وأكلت، وأعطت رجلها فأكل معها وننسى خطية القلب التي أدت إلى كل هذا.. القلب الذي دخلته الشهوة، بعدما استمع إلى كلام الحية.. ولما تغير القلب، تغيرت نظرة الحواس.ونظرت المرأة بقلب فقد بساطته ونقاوته، فإذا الشجرة"جيدة للأكل،وبهجة للعيون، وشهية للنظر" (تك6:3).. بينما الشجرة كانت أمامهم كل يوم ولم ينظروا إليها هكذا من قبل ولكن النظرة تغيرت، لما تغير القلب.. لما دخلت الشهوة إلى القلب، بدأت الحواس تشتهى. فخطية الحواس خطية ثانية، أما الأولى فهي خطية القلب. استمعوا إلى الرب يقول في عظته على الجبل عن الزنى: "من نظر إلى امرأة واشتهاها، فقد زنى بها في قلبه" (مت28:5). الزنى إذن قد كان في القلب، قبل أن يصل إلى الحواس. شهوة القلب الرديئة هي التي نجست النظر.. هل نعتبر هذه إذن خطية نظر، أم خطية قلب؟ إنها خطية قلب أدت إلى خطية نظر.. ولو كان القلب نقيًا، ما كانت هناك شهوة تالية للنظر.. أول خطية دخلت العالم، كانت خطية قلب. أنها خطية الشيطان التي أرتفع قلبه. قال في قلبه" أصعد إلى السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله.. أصير مثل العلي" (أش13:14،14).. نذكر بهذا أيضًا خطية نبو خذ نصر إذ "ارتفع قلبه" (دا20:5). العمل الإيجابي للقلب تكلمنا عن الخطأ في مشاعر القلب ويعوزنا أن نتكلم عن عمله الإيجابي في الفضيلة.. وكمثال: القلب وما فيه من حماس وغيرة مقدسة. هذا هو مصدر كل خدمة ناجحة. الناس قد يتكلمون عن مظاهر هذه الخدمة ونتائجها. ولكن المهم هو حالة القلب الداخلية. هي السبب. وهذا هو الفرق بين الخدمة النارية الملتهبة، والخدمة الروتينية.. إنها مشاعر القلب من الداخل، ومدى اقتناعه بأهمية خلاص النفس، والتزامه بالعمل على نشر الملكوت.. كذلك باقي ثمار الروح في القلب (غل22:5، 23). وأولها المحبة كما يذكر الرسول، وأهمية محبة القلب لله وللناس، هذه المحبة التي يتعلق بها الناموس كله والأنبياء، كما قال السيد المسيح له المجد (مت40:22). والمحبة هي عمل من أعمال القلب، وهي مصدر كل خير. يقول الكتاب: "تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك" (مت37:22) (تث5:6). إذا وصلت إلى هذا الحب، تكون قد وصلت إلى القمة، ولم تعد تحت ناموس، ويزول من القلب كل خوف "لآن المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى الخارج" (1يو18:4). أترانا نتكلم عن التنفيذ الظاهري للوصايا، وننسى محبة الرب؟! كلا، فالمحبة هي الأساس، وكل طاعة للوصايا -بدون محبة- ليست شيئًا أمام الله. وهكذا يعلمنا الرسول (1كو13).. هذه هي المحبة التي يرتفع بها الإنسان عن مستوى العالم والمادة والجسد، ويتعلق بالله وحده، كما قال الشيخ الروحاني "محبة الله غربتني عن البشر والبشريات".. وهذه هي أعماق الحياة الرهبانية. ليست مجرد الرسامة، أو الملابس السوداء، أو الشكل.. إنما هي قبل كل شيء موت القلب عن العالم، أو موت العالم داخل القلب.. وبهذا الشعور وصل القديسون إلى الاستشهاد. الاستشهاد كان داخل القلب، قبل تعذيب الجسد أو قتله من الخارج.. القلب والعبادة ولأن الله ينظر إلى القلب ويهمه القلب، لذلك قال: "يا ابني أعطني قلبك" (أم26:23). وإن أعطيتني قلبك، سوف "تلاحظ عيناك طرقي".. لأن هناك من لهم العبادة الشكلية، يظهرون من الخارج أنهم يلاحظون طرق الرب، بينما لم يعطوه قلوبهم. مثال ذلك الكتبة. والفريسيون الذين يبدون مدققين في تنفيذ الوصية، بينما قلوبهم بعيدة عن الله!! وعن هؤلاء وأمثالهم قال الرب: "هذا الشعب يكرمني بشفتيه. أما قلبه فمبتعد عنى بعيداُ" (مر6:7). لهذا قال يقبل الله مثل هذه العبادة. وقال عن الذين يحفظون الشعائر الخارجية بينما قلوبهم ملوثة من الداخل: "لا تعودوا تأتون بتقدمه باطلة.. رؤوس شهوركم وأعيادكم أبغضتها نفسي،صارت على ثقلًا، مللت حملها. فحين تبسطون أيديكم، أستر وجهي عنكم وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع، أيديكم ملآنة دمًا" (أش13:1-15). أحيانا تضع لنفسك جدولًا روحيًا تحاسب به نفسك على ممارساتك الروحية من صلاة وصوم وقراءات ومطانيات metanoia وتأمل.. إلخ. فهل تحاسب نفسك على الممارسات أم على القلب؟! من الجائز أن تضع علامة على قراءة الكتاب، وقلبك لم يشترك في تلك القراءة، أو الصلاة وقلبك لم يشترك فيها، أو الصوم ولم يكن من قلبك، ولم يصم أثناءه قلبك عن الشهوات.. أتراه كان جدولًا لحياتك الروحية بالحقيقة، بينما لم يدخل فيه حساب لقلبك؟! الصلاة المقبولة هي الصلاة التي من القلب. وليست هي مجرد ألفاظ نرددها أمام الله.. لذلك فإننا نقول في التسبحة "قلبي ولساني يسبحان القدوس" وليس مجرد اللسان وحده. كذلك الذهاب إلى الكنيسة أيضًا: هل أنت تأتى إلى الكنيسة بقدميك، أم بقلبك؟ استمع إلى المرتل وهل يقول: فرحت بالقائلين إلى بيت الرب نذهب (مز1:122). والفرح هو بلا شك من مشاعر القلب.. كذلك قراءة الكتاب: حينما تكون بالقلب، تقول مع المرتل "فرحت بكلامك،كمن وجد غنائم كثيرة" (مز119). وهنا لا تجعل كلمات الله في ذهنك فقط، بل تدخل إلى داخل قلبك، كما قال داود في المزمور: "خبأت كلامك في قلبي، لكيلا لا أخطئ إليك" (مز119). وهذا الذي أوصنا به الرب حينما أعطانا الوصايا إذ قال: "ولتكن هذه الكلمات التي أوصيك بها اليوم على قلبك، وقصها على أولادك، وتكلم بها حين تجلس في بيتك" (تث6:6، 7)، في الأول تكون على قلبك، وليس في مجرد أذنيك، أو حتى في مجرد ذهنك.. القلب والصلاة الصلاة ليست مجرد كلام نتلوه أمام الله، وليست مجرد حديث مع الله، إنما هي مشاعر قلب ينسكب أمام الله، حتى من غير كلام، لذلك يقول المرتل: "باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما من شحم ودسم" (مز119). مجرد رفع اليدين، حتى من غير كلام. فكم بالأولى كلامه! في صلاة كل من الفريسي والعشار: الفريسي تكلم كلامًا كثيرًا، ولم يكن قلبه مع الله، فلم يقبل الله صلاته. أما العشار فقال عبارة واحدة، بقلب منسحق "فرجع إلى بيته مبررًا دون ذاك" (لو14:18). وبالمثل العبارة الواحدة التي قالها اللص اليمين من أعماقه فورث بها الفردوس (لو42:23،43). ليس المهم في صلاتك كلماتها، بل مشاعرها.. هل هي صلاة بعاطفة، بحرارة، بفهم، بإيمان..؟ هل هي صلاة بانسحاق قلب، باتضاع؟ هل هي صلاة فيها مشاعر الحب والشوق إلى الله؟ هل فيها العمق والتأمل؟ أم هي مجرد ألفاظ وكلماتك تعدها أمام الله، صادرة من شفتيك وليس من قلبك؟! الصلاة إذن هي رفع القلب إلى الله. وليست مجرد رفع اليدين، أو رفع العينين إلى فوق.. إنها رفع القلب عن كل الماديات والأرضيات لكي يتجه إلى الله بكل عواطفه.. اسمع قول الرب وهو يوبخ اليهود: هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا (مت8:15) (مر6:7) (أش13:29). على ضوء هذه العبارة افحص صلاتك.. وحاول أن تشعر بعمق الصلة بينك وبين الله.. حتى صلوات الآخرين، تستطيع أن تميزها.. هل هي ابتهال من العمق، وحديث روحي مع الله، أم هي مجرد تلاوة، أو ضبط نغمات في لحن..؟! وتراك تتأثر من الشخص الذي يصلى من قلبه، وكأنه يقول مع المرتل في المزمور: "من كل قلبي طلبتك" (مز10:119). وهذا هو ما يريده الرب نفسه "تطلبونني فتجدونني، إذ تطلبونني بكل قلبكم" (أر13:29)، إذن صلاة الشفتين فقط، ليست صلاة بالحقيقة. ولهذا نقول في صلوات التسبحة "قلبي ولساني، يسبحان القدوس".. قلبي أولًا، ثم يشترك معه لساني. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هو كتاب تشكيل القلب |
من كتاب من هو الإنسان - الحياة |
من كتاب من هو الإنسان؟ الإرادة |
من كتاب من هو الإنسان؟ البابا شنوده الثالث القلب |
كتاب القلب البصير |