|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يُعلن المرتل براءته أمام الله، قائلًا: "أيها الرب إلهي إن كنت فعلت هذا، وإن كان ظلمًا في يديّ؛ أو جازيت الذين صنعوا بي الشرور، أسقط إذن أمام أعدائي فارغًا" [3-4]. سقط شاول بين يديّ داود مرتين، مرة في مغارة عدلام وأخرى في برية زيف، لكنه لم يمس شعرةً منه ولم يؤذه؛ بل ولم يدع أحدًا من أعوانه يتعرض لشاول بالضرر. هكذا يتعامل رجل الله مع عدوه من بني البشر بالخير الذي أوصاه به الكتاب المقدس (1 صم 24، 26). وكأن داود يقول: "إن كنت مذنبًا فإنني اعترف بأنني هكذا، ولكنني إن كنت أصنع خيرًا حتى مع أعدائي فليضطهد عدوي نفسي ويدركها ويدوس في الأرض حياتي... [5]. إن كان كوش يقيم ضدي اتهامًا صادقًا يُدينني، فلتحلّ بي كل أشر المهالك، وليقع بي كل ما يشتهيه ضدي عدوي، وليسلبني حياتي، ولينزعني من الوجود، وليدفن في التراب مجدي [5]. * أي مجد لنا إن كنا لا نؤذي من لا يؤذينا؟! بل الفضيلة الحقة هي أن نغفر لمن يؤذينا. القديس أمبروسيوس *كان موسى وديعًا أكثر من جميع الناس (عد 12: 3)؛ وكان داود وديعًا بزيادة (مز 131: 2). لهذا يحثنا بولس هكذا: "عبد الرب لا يجب أن يخاصم بل يكون مترفقًا بالجميع، صالحًا للتعليم، صبورًا على المشقات، مؤدبًا بالوداعة المقاومين" (2 تي 2: 24-25). فلا تطلبوا الانتقام لأنفسكم ممن يؤذونكم، إذ يقول (الكتاب): "إن جازيت الذين صنعوا بي الشرور (بالشر)" [4]. لنصيرّهم إخوة لنا بترفقنا. القديس أغناطيوس الأنطاكي *"إن جازيت الذين صنعوا بي الشرور، لأسقط إذن بلا دفاع أمام أعدائي" [4]. ما المقصود بالقول "لأسقط"؟ طالما الإنسان على قدميه تكون له القوة أن يقف أمام أعدائه، يضرب ويُضرب، فينال نصرة أو تحل به الهزيمة، لكنه يظل واقفًا على قدميه؛ أما إن زلت قدماه وسقط ملقيًا على الأرض، فكيف يقدر على الاستمرار في مقاومة عدوه؟ لهذا نصلي بغيرة ألا نسقط أمام أعدائنا لئلا نسقط أمام أعدائنا، ولئلا يكون سقوطنا دون وجود دفاع... نطلب أن يلقينا (الخصم) أرضًا بهذه الكيفية إن كنا نجازي الشر بالشر. لا نطلب هذا فقط، بل نضيف: "ويدوس في الأرض حياتي" [5]. ما المقصود بحياتنا؟ قدرتنا على العمل في الفضيلة، واقتدارنا في العمل التقوى، فإننا نطلب ذلك أن نُداس في الأرض فنصير أرضيين تمامًا، وتنحدر كل أفكارنا وأعمالنا إلى الأمور الأرضية. "ويحل مجدي في الثرى (التراب)" [5]. ما هو مجدنا هذا إلا المعرفة التي تتولد في النفس بحفظ الوصايا...؟! إننا نلعن أنفسنا إن جازينا الشر بالشر... ليس فقط بالعمل وإنما أيضًا إن جازيناهم بالكلمات أو في النية... فإنه أحيانًا يجازي الإنسان الشر بالشر حينما يزعج أخاه بالنية أو بحركاته أو نظراته عن عمد. وثمه إنسان آخر قد لا يُجازي الشر بالشر بتصرفاته أو كلماته أو اتجاهاته أو تحركاته وإنما حين يُجرح قلبه فيُظهر امتعاضًا نحو أخيه... وثالث قد يسمع أن أحدًا ضايق (عدوه) أو وشى به أو قاومه فيفرح لسماع ذلك، بهذا يعرف بوضوح أنه يجازي الشر بالشر . الأب دورثيؤس من غزة * نكرر هذه الكلمات كثيرًا: لنتجنب أن نجلب اللعنة على أنفسنا. لنتجنب أن نجازي الشر بالشر! القديس قيصاريوس أسقف آرل لقد حسب داود النبي موته - يدوس العدو في الأرض حياته - أمرًا شريرًا، أما أن يحل مجده في التراب فهذا شر أعظم ! |
|