|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
*"سبحوه يا جميع ملائكته، سبحوه يا جميع قواته..." [2-5]. وكأنه يُقال له: "لماذا يسبحونه؟ ماذا أنعم به عليهم حتى يسبحوه؟" لهذا أكمل قائلًا: "لأنه هو قال فكانت، وهو أمر فخُلقت". ليس بالأمر المدهش أن الأعمال تسبح العامل، ليس من دهشة أن الأشياء المصنوعة تسبح صانعها، المخلوقات تسبح خالقها. في هذا إشارة أيضًا إلى المسيح، وإن بدا أننا لا نسمع اسمه... بمن خلقوا؟ بالكلمة (يو 1: 1-2). يُظهر في هذا المزمور أن كل شيء صنع بالكلمة. "لأنه هو قال فكانت؛ وهو أمر فخُلقت". ليس أحد يتكلم، ليس من يأمر إلا بالكلمة. القديس أغسطينوس *إن أردت أن تعرف شيئًا عن الشاروبيم والسيرافيم اسمع التسبحة السرية التي تخص قداسته: "السماء والأرض مملوءتان من مجده" (إش 6: 3)، إذ يقول داود: "سبحوه يا كل جنوده" (مز 148: 2). إن سألتم عن القوات العلوية تجدون عملهم الوحيد هو تسبيح الله... كيف تقدر طبيعة مخلوقة أن تعاين الطبيعة غير المخلوقة؟ إن كنا لا نقدر مطلقًا أن نشاهد أية قوة روحية حتى المخلوقة مثل الملائكة، فكم بالأحرى لا نقدر أن نرى الجوهر الروحي غير المخلوق، لذلك يقول بولس: "الذي لم يره أحد من الناس، ولا يقدر أن يراه" (1 تي 6: 16). هل هذه الخاصية تخص الآب وحده دون الابن؟ حاشا لنا أن نفكر هكذا! إنما تخص الابن أيضًا. لكي تعرف هذا، اسمع بولس الذي يقول عنه ذات الأمر: "صورة الله غير المنظور" (كو 1: 15). فإن كان هو صورة غير المنظور يلزم أن يكون غير منظور، وإلا فلا يكون صورته . *إنه يقدم جوقة واحدة، يقدمون له أغنية واحدة من الجميع، مُلحًّا بإصرار على الالتزام بتقديم التسبيح لله الواحد من الخليقة العلوية والخليقة السفلية، مظهرًا أنه يوجد خالق واحد لكليهما . *في شعورهم العميق بالامتنان يمارس القديسون هذا، إنهم وهم يشكرون الله يدعون الكثيرين ليشتركوا في التسبيح، ويحثونهم على الاجتماع معهم في هذا الطقس الممتع. هذا أيضًا ما فعله الثلاثة فتية حينما كانوا في الأتون، إذ دعوا كل الخليقة أن يشكروا من أجل الامتياز الذي قُدم لهم، وأن يسبحوا الله. يفعل واضع هذا المزمور هذا هنا، فيدعو كل من العالم العلوي والعالم السفلي، العالم المادي والعالم العقلي، لفعل هذا. فعل أيضًا إشعياء نفس الأمر، عندما قال: "ترنمي أيتها السماوات، وابتهجي أيتها الأرض... لأن الرب ترحّم على شعبه" (راجع إش 49: 13). قال المرتل (واضع المزمور) أيضًا: "عند خروج إسرائيل من مصر، وبيت يعقوب من شعب فظ، الجبال قفزت مثل الكباش، والآكام مثل حملان الغنم" (مز 114: 1، 4). مرة أخرى يقول إشعياء في موضع آخر: "لتمطر السحب برٍّا" (راجع إش 45: 8). ها أنتم ترون بقدر ما كانوا يشعرون بعجزهم عن التسبيح للرب بما فيه الكفاية، يحثون كل واحدٍ أن يساهم في التسبيح. *"سبحوه يا كل جنوده"، يعني الشاروبيم والسيرافيم والسلاطين والرئاسات والقوات. هذا علامة الروح الملتهب للغاية، هذا علامة الحب المتقد، الذي يحث كل أحدٍ للتسبيح المحبوب. هذا علامة العقل الدائم الشبع بالتأمل في الله، المضروب بالدهشة أمام مجده، والمُكرس له . القديس يوحنا الذهبي الفم |
|