|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نقفُ أمام المرآة لنرى حالة جسدنا وثيابنا ونرتب مظهرنا من الخارج. لكن كيف أرى حقيقة نفسي من الداخل، وأيّ مرآةٍ ستَظهِر خفاياها وأهواءها ومحاسنها إن وجد فيها شيء حَسَنْ. هناك مرآة صادقة صافية وهي الصلاة. فمن خلال صلاتي أعرف نفسي جيداً وأعرف الله أيضاً, مَن ْعرف ذاته عرف الله وبالعكس, لكن كيف يكون ذلك ؟ "الله نور وليس فيه ظلمة البتة" , فكلّما اقتربنا من الله في الصلاة اقتربنا من النور، وكلّما اقتربنا من النور رأينا أنفسنا أوضح، ورأينا خبايا وأهواء لم نكن نراه, ولا حتى نتوقّع وجودها, ﻷنّنا كنّا في الظلام, وحين نستمر في الاقتراب وتتوضّح لنا الرؤية أكثر، ونستمر حتى نصل إلى الحقيقة وهي أنّنا تراب. هذا التراب الذي شاءه الله أن يصير إنساناً، وإن عاش إنسانيته بصدق، يَتَرَوحَن هذا التراب ويتقدّس، أي يتألّه, مع بقائه تراب. لكن مع كثيرين تحصل الصدمة: فحين اكتشاف اﻹنسان عدميته، ينصدم ويعود إلى الوراء، وﻻ يقبل حقيقته وواقعه المعطوب قائلاً: هذا لست أنا. فبدل أن يتقدّم ويُصلِّح ذاته، يعود ويقول ما نفع الكنيسة؟!، ما نفع الصلاة؟! ما نفع كل هذا؟!, فيخسر ويبقى في عدميته، وترابيته. هناك فرق شاسع بين العظمة (المجد البشري الزائل) وبين المجد الإلهي الحقيقي. أي هناك فرق بين العظمة الكاذبة والعظمة الحقيقية. فأمام عظمة أهل العالم الكاذبة، تشعر أنّك ذليل وﻻ شيء، وفاقد كل أمل ورجاء في أن تصل لمثل هذه العظمة، فتكتئب, وتحزن. أما أمام العظمة اﻹلهية فمع أنك تشعر أنك ﻻ شيء, تراب, لكنّك تشعر في نفس الوقت أنّك عظيم مِثله، وكلّك رجاء وأمل بأنك تستطيع أن تصير مثله مثل الله ، وقد قال: "تعلموا مني ﻷني وديع ومتواضع القلب" .فهو العظيم وحده وجعل تابعيه عظماء مثله، فهو لم يَخَف على عرشهِ، بل تنازل ليرفع الجميع إليه. وما علينا إﻻّ أن نستمر في السعي ونسير وراء النور لنصير كلنا نور كما هو نور "من يتبعني ﻻ يمشي في الظلام" . وأعظم لحظات الحياة تلك التي تقضيها مع أعظم شخص في الكون, الله نفسه, ومن هنا تستمد الصلاة عظمتها، بغضِّ النظر ما تقول فيها وكيف تؤدّيها، المهم أن تدرك أنّك تخاطب مَن تحب، ومَن أحبّك محبّة أبدية ﻻ توصف... ...صلاتنا على قدر محبتنا لله... الأرشمندريت باييسيوس |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
صلاتي علي لا لي ؟! |
صلاتي |
صلاتي اليوم (يارب اسمع صلاتي) |
صلاتي لكل قلب |
لا أحبّ ما تظهره مرآتي |