|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ملامح يسوع الصبي في الناصرة (لوقا 2: 39-40) وصف لوقا الإنجيلي ملامح الطفل يسوع لدى عودته الى الناصرة حيث عاد في جوّ من الهدوء الشديد لممارسة حياته البشريّة كأي واحد منا، ولم يُظهر أي معجزة في صباه. وكانت أول معجزاته تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل في بدء حياته العلنية، أي عندما بلغ الثلاثين من عمره؛ يعلق القديس يوحنا الذهبي الفم: "لم يردْ أن يُظهر يسوع معجزات في طفولته وصباه حتى بدأ الخدمة العلنية. يؤكِّد ذلك ما قاله الإنجيلي يوحنا في تحويل الماء خمرًا في عرس قانا الجليل، معلنًا أنها أول آية صنعها يسوع "، فأَظهَرَ مَجدَه فَآمَنَ بِه تَلاميذُه" (يوحنا 2: 11). فقد اهتم لوقا الانجيلي بكل مراحل المسيح، فرآه جنيناً في بطن أمه، ورآه طفلاً وصبياً ثم رآه مكتمل الرجولة، فالمسيح إذاً قدَّس جميع مراحل الحياة البشرية " كانَ يسوعُ يَتسامى في الحِكمَةِ والقامَةِ والحُظْوَةِ عِندَ اللهِ والنَّاس" (لوقا 2: 52). هذا هو المسيح الإنسان، هذا هو الإنسان الكامل، الّذي له جسد وعقل وروح –كما لأيّ إنسان آخر– لكن بلا خطيئة. لأنّ اللاهوت أعطى مجالاً واسعاً حرّاً لنموّ الناسوت، نموّاً طبيعيّاً كاملاً متماثلاً. لقد حمل يسوع ناسوتنا، وصار مثلنا بالرغم من عدم انفصاله قط عن لاهوته. ويُعلق القديس كيرلس الكبير: "يشير القول "يتقدُّم الصبي في الحكمة والقامة والنعمة" إلى طبيعته البشريّة الإنسانية، ...فقد تحمَّل الله الكلمة أن يولد إنسانًا، مع أنه بطبيعته الإلهيّة لا بداية له ولا يحدّه زمان، فهو الإله الكامل الذي قبل أن يخضع لقانون النمو الجسماني، ويتقدَّم في الحكمة كما وصفه لوقا الانجيلي "كانَ الطِّفْلُ يَتَرَعَرعُ ويَشتَدُّ مُمْتَلِئاً حِكمَة "(لوقا 2: 45). وقد أصبح المسيح الآن مثلنا. ولذلك سار الصبي بموجب قوانين الطبيعة البشريّة فكان يتقدَّم في الحكمة والقامة والنعمة". نما جسمه في القامة، وتقدَّمت نفسه في الحكمة، أمَّا في طبيعته الإلهيّة فهو كامل، لأنه مصدر الحكمة والكمال. ويُبيِّن لوقا الإنجيلي يسوع ينمو شيئا فشيئا، تحت رعاية ابويه يوسف ومريم وتربيتهما السليمة. لقد سهرا عليه بلطف واحترام لشخصيته. "كانَ الطِّفْلُ يَتَرَعَرعُ ويَشتَدُّ مُمْتَلِئاً حِكمَة، وكانت نِعمةُ اللهِ علَيه" (لوقا 2: 40). لقد أتخذ المسيح جسدنا فصار مثلنا. وكان جسده (ناسوته) ينمو طبيعياً جداً مثلنا تمامًا، وكان عقله يزداد حِكْمَةً (نموًا عقليًا)، وكان روحه ينمو نعمة عند الله (نموًا روحيًا) والناس (نموًا اجتماعيًا). كان لاهوته المتحد بناسوته يعلن النعمة التي فيه أكثر فأكثر، فكانت نعمته تتزايد في أعين كل البشر. التربية تساعد الولد في نموّه النمو الكامل المنسجم. يقول المجمع الفاتيكاني في بيانه التربية المسيحية "إذا تقاعس الوالدون عن الدور التربوي، صعب جدًا الاستعاضة عنه، فمن واجبهم ان يخلقوا جواً عائليا تُحييه المحبة والاحترام لله والبشر... فيتعلم الولد كيف يُمجّد الله ويكرمه، ويحب قريب" (بند 3). وُلدت عائلة الناصرة من الإيمان، وعاشت من الإيمان، وسارت مستنيرة دائماً من كلمة الإله الحيّ بإيمانها. فالإيمان يكشف عن مدى قوة العلاقات التي تربط بين افراد العائلة. وفي هذا الصدد يقول البابا فرنسيس " إنّ نور الإيمان قادر على إظهار غنى العلاقات البشريّة وقدرتها على الاستمرار وعلى التحلي بالثقة وإثراء الحياة المشتركة". كانت العائلة المقدسة نـموذجا في تتميم إرادة الله، وفي قداستها وإيمانها ومحبتها وصبرها على الألـم والاغتراب والفقر، ولا يوجد أي غرض أخر خاص لكل فرد فيها سوى محبـة بعضهـم البعض. كل فرد يعمل على تنمية حياته الروحية الشخصية والعمل مع الآخرين على مساعدتهم في الجهاد الروحي. وأمَّا يسوع فيقول الكتاب انه "كانَ طائِعاً لَهُما" (لوقا 2: 51)، والطاعة دلالة الاحترام لـمكانة الأب والأم في الأسرة، وهو احترام متبادل مبني على أساس المحبة والثـقة. والآن، هـل لنا أن نعيد الـمفهوم الصحيح للأسرة المسيحية الـمقدسة الـمتحابـة، التي تحترم أفرادها، وتعمل على التربية الروحية والتربية الجسدية والذهنية والاجتماعية؟ |
|