منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 08 - 04 - 2022, 02:27 PM
الصورة الرمزية walaa farouk
 
walaa farouk Female
..::| الإدارة العامة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  walaa farouk متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122664
تـاريخ التسجيـل : Jun 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 367,880

من قصص جبل آثوس المقدس(  القاضي الشّاب والصّلاة )



قُبَيل العام ١٩٨٠، زار الشّيخَ أفرام في جبل آثوس قاضٍ شابٌّ
، فوجده في المطبخ منشغلاً بعمله اليدويّ. كان يأخذ الأختام من الماء المغليّ في الطّنجرة الّتي كانت تغلي ببطءٍ على نار الموقد، وينحتُها. فانحنى له باحترامٍ، وجلس على صندوقٍ قريب.

قال الشّيخ أفرام موجّها نظراته الثّاقبة نحو الشّاب:

- حسناً، ماذا لدينا؟.

- عندي مشكلات، أيّها الشّيخ، مشكلات مختلفة!.

- متى تعترف؟.

أجاب متردّداً:

- لا أعترف!.

- لهذا من الطّبيعيّ أن توجد عندك مشكلات!.

- لكن ليس لديّ ما أعترف به!.


- إن أخبرتُك كيف تعترف، أتذهبُ حينذاك وتعترف؟. رأيتَ في الشّارع فتاةً تعبر، ففكّرتَ بأمرٍ شرّير. ماذا تقول؟.

- طبعاً أيّها الشّيخ، سأذهبُ لأعترف!.

فغادر، وبعدَ مضيِّ عدّةِ أشهرٍ، ظهر مجدّداً، فبادره الشّيخ:

- أهلاً وسهلاً بأفتيميوس! هل اعترفتَ؟

- أجل أيّها الشّيخ.

فسأله مستفحِصاً:

- وهل سمح لكَ أبوكَ الرّوحيّ بالمناولة؟.

- أجل أيّها الشّيخ. قال لي أن أتناول كلّ خمسةَ عشرَ يوماً.


أجاب الشّيخ وهو يشكر الله:

- هذا جيّد.

ثمّ أخبرنا لاحقاً: "فهمتُ أنّ مشكلاته لم تكن كبيرة".

لكنّ الشّابَ استمرَّ بالحديث محتجّاً أنّه لا يجدُ وقتًا ليصلّيَ، بسبب ضغطِ عمله، الّذي كان يستهلك حتّى ساعاتِ فراغه. فابتسم الشّيخ وقال له بشكلٍ عمليٍّ:

- سوف أُعلِّمك كيف تصلّي، وستقول لي إن كنت تقدرُ أم لا!.

هنا، وضع الشّيخ أفرام عملَه اليدويّ جانباً، ووقف نافضاً نشارةَ الخشب عن قدميه، ثم اقترب من المغسلة بقامته الطويلة ولحيته البيضاء وهيئته الوقورة، وقال:

- إنّه الصّباح. وقد نهضْتَ من النّوم.

فتح الشّيخُ الماء، وبدأ بحركاتٍ بسيطةٍ يغسلُ يديه ووجهه، مكرِّراً بعذوبةٍ وتضرّع: "ربّي يسوع المسيح ارحمني". تناول المنشفة، ومسح وجهه مكرّراً نفس الصّلاة، ثمّ التفت إلى الشّاب وسأله:

- هل بإمكانك القيام بهذا؟.

أقرّ الشّاب كَمَن جُرِّد من سلاحه:

- أجل، أيّها الشّيخ!.

هنا تابع الشّيخ أفرام كلامه: انتبه يا بنيّ ستُتِمَّ هذا كلّ يوم؛ لا تفعله يوماً وتمتنعْ يوماً آخر. وكما يقول القدّيس اسحق السّوريّ: "إنّ المحاولة الصّغيرة لها فعاليّة كبيرة عندما تتمُّ بشكلٍ متواتر".

بعد ذلك جلس الشّيخ من جديد وبدأ يستعدّ لاستئناف عمله اليدويّ وهو يقول: شيءُ آخر أودّ لفت انتباهك إليه: ألا توجدُ في القاعة، حيث تمارس مهنة القضاء، أيقونة للسّيّد المسيح وللسّيّدة العذراء؟.

- بلى!.

- قبل المباشرة بالمحاكمة، ستلتفتُ نحو الأيقونة وستقول:
"أيّها الرّب يسوع، أنرني حتّى لا أظلم أحداً من هؤلاء النّاس".

ثم أردف:

- هل تستطيع أن تفعل ذلك؟.

- أجل أيّها الشّيخ!.

فأنهى الشّيخ كلامه مازحاً:

- لا تفهم من أقوالي أنّي أطلب أن تصير محامياً، حتّى تتكلّم مع الله!.

وكان يقولُ الشّيخ القول عينه لآخرين يتذرّعون بأعباءٍ عائليّةٍ وانشغالاتٍ مختلفةٍ حتّى لا يصلّوا. كما كان يكرِّرُ دائماً:
"إذا كنتُ أنا في وسطِ هدوءِ كاتوناكيا أردّدُ صلاة يسوع مائة مرّةٍ في اليوم، فأنتم العائشون وسطَ زحمةِ المدينة ومتطلّبات العمل والعائلة إن قلتموها ثلاث مرّاتٍ، نصير متعادلين"!.

عندما كنّا نسألُه: "ألعلّ هذه الصّلاة تكفي للعائشين في العالم؟"، كان يجيبنا: "إذا اعتاد الإنسان أن يردّد الصّلاة يوميّاً، حتّى لو قليلاً، قدرَ استطاعته، فإنّه لا يلبث، رويداً رويداً، أن يشعرَ بالعذوبة في قلبه وينتظر متى تأتي ساعة الصّلاة. عندئذٍ تملأُ القلبَ حلاوةُ الصّلاةِ، وتلقائياً يطلب المزيد، فتتضاعف صلاته".

هكذا، سمع القاضي الشّاب نصيحة الشّيخ. وشيئاً فشيئاً، أحبّ الصّلاة، حتّى إنّه، في أحد الأيّام، طلب البركة منه لينسك في الجبل المقدّس! الأمر الّذي حدث فعلاً لفرحِنا جميعاً! تمجّد الله!.

(للقديس الشّيخ أفرام ناسك كاتوناكيا)
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
تَرْكُ التَّرْكِ: رفضُ الشّاب لمطلب المسيح
قصة من قصص جبل آثوس المقدس ( للمنفعة الروحية )
قصة واقعية من الجبل المقدس( آثوس)
المسبحة خواطر راهب من الجبل المقدس (آثوس)
«البلتاجى» يهاجم القاضى: الجلسة يديرها «لواء».. و«بديع»: «ونِعم القاضى»


الساعة الآن 02:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024