أثبت العلم المعاصر أن المرض ليس مادة خاصة مستقلة بذاتها، بل هو بالأحرى عيشٌ في ظروف مغايرة بحيث أن قوانين الحياة تبقى في الواقع هي إياها كما في الجسم السليم، إلا أن أعضاء المريض الحية ووظائفها يعتريها اختلالٌ في نشاطها السوي.
حتى الجسد الميت لا يتوقف فيه العمل غير أن النشاط الذي يبدأ عندئذٍ يكون من نوعٍ هدام يؤول إلى الانحلال. بهذا المعنى عينه، ليست الخطية مادة في ذاتها بل هي بالأحرى ذلك الاختلال اللاحق بجميع ما أعطى الله الإنسان من مواهب وقدرات، على نحوٍ يجعلها تعمل في اتجاهٍ آخر، لا نحو الله بل بعيداً عنه في خطٍّ معاكس.
فإن العقل والإرادة، والاهتمامات والعواطف والمشاعر، والقدرات النفسية والبدنية من نوعٍ أو آخر هذه كلها كانت فيما مضى آلات بر، لكنها الآن استحالت آلات إثم، وذلك بفعل الخطية الخفي.
فلم تكن صورة الله التي نالها الإنسان عند خلقه، مادةً مستقلة، إلا أنها كانت مع ذلك مناسبة تماماً لطبيعته بحيث إنه عندما فقدها صار مشوهاً وناقصاً كلياً.