|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ان ما افاضته السماء على هذا المختار من المواهب و ما غمرته به من نعم لجدير ان يكون موضوع تأملات ليس فقط لمدة شهر بل لأشهر وسنين و أجيال .فكالمرآة المنعكسة فيها أشعة الشمس المتوهجة هكذا كانت نفس يوسف ازاء الشمس الالهية الشارقة في بيته ، فأنعكست فيها أشعة الكمالات الالهية ، فكانت نسخة بشرية كاملة للمثال الالهي .ان يسوع المسيح هو وحده الطريق و الحق و الحياة . فليس لأصفياء الله واسطة اخرى لتقديسهم سوى ان يعرفوا يسوع و يدرسوه ويقتدوا به ثم يتحدوا به اتحادا متيناً فيحيوا بمحبته و يرتووا بمياه نعمته ليصبحوا واحدا معه و بذلك فقط يمكنهم ان يقولوا ما قاله الرسول المصطفى :” لست انا حياً بل المسيح حيٌُ فيَ” .وكيف كانت ياترى حياة مار يوسف ؟ كانت كلها مخصصة لخدمة يسوع ربيبه .. ولم يكن له علاقة إلا به أو بأحد آخر لاجله .فكان يعبده كألاهه ويحبه كوحيده .يسوع كان غاية حياته ، معه كان يكد ويتعب . معه و بين يديه كان يقدم صلاته . معه و من أجله كان يحتمل شتى المحن والبلايا . اجل لم يكن يوسف لينفصل من يسوع .لقد عاشا سويةً جنبا لجنب بأتحاداً تاماً ..لم يكن ذلك الاتحاد ، اتحاد حب وصداقة وحسب ،بل كان أقدس وأمتن أي أتحاد الأب بأبنه .بمعنى ان الله الذي لا يظهر ذاته و كمالاته لاصفيائه إلا في السماء ، تنازل بأنعام خاص بذاته ليوسف على هذه الارض .ان الكتاب المقدس كتب النزر القليل على ما لرؤية الله في السماء ،من الجمال و الحلاوة و كيف ان الذين يتمتعون بحضرته ، يشابهونه غاية المشابهة كقول رسول الامم: اننا سنراه وجها بوجه و نكون شبيهين به . وهذه المعجزة قد سبق الله و صنعها ليوسف فتكاملت محاسن نفسه و أصبحت سماؤها صافية تتألق فيه كواكب الفضائل ! فشغله الشاغل كان التقاط درر أقواله ، النظر الى حركاته ،الاشتراك بصلاته ، الاصغاء الى اسئلته و أجوبته . فلم يكن يفقده برهة من أمام عينيه لينهج مناهجه الرضية و يتحلى بمحاسنه الالهية .أجل امر لا شك فيه ولا ريب و هو انه ليس بين القديسين من اقتفى آثار المخلص و اشتمل على شمائله و اقتدى بمحاسنه كمربيه ! فعلى مثاله كان حليما ومتواضع القلب و محتشما ، وصبورا على محن الزمان وشفوقا على القريب ،محتقرا حطام الدنيا لا هم له سوى تكميل ارادة الله ابتغاء مسرته دائما . لقد قرأ كل تلك الفضائل على المعلم الالهي فكان تلميذه و المعجب به و أباه مدة 30 سنة .فيا أيها النجار الرفيع القدر ،سعدا للسنين التي قضيتها بحضرة الله و أبن الله .. سقيا لك يامن عرفت ابن الله معرفة فريدة وأحببته محبة شديدة واقتديت به اقتداءاً عجيباً واستقيت الفضائل من معينها الصافي ! ليتنا على مثالك نغرس في عقولنا ونطبع على صفحات قلوبنا امثولات معلمنا الالهي ونطابق حياتنا على تعاليمه و نستسير بأمثاله ونحيا بحياته كي نستحق يوما ان نفوز بمجده الأبدي آمين. |
|