هذه الخلاصة الأخيرة لا يتوصل إليها بمثل هذا الوضوح طبعاً، كلُّ من يعبث بالنظرية المذكورة، ولا تُصاغ بمثل هذه الصراحة، إلا إنها مع ذلك نهاية الطريق الذي ينتهجه من يلتزمون الآراء المشار إليها أعلاه فيما يتعلَّق بأصل الخطية. ومهما اختلف أتباع هذه الآراء أحدهم عن الآخر، فإن لهم جميعاً هذه الصفة المشتركة: أنهم لا يبحثون عن أصل الخطية ومقرها في إرادة المخلوق، بل في كيان الأشياء وطبيعتها، وبالتالي في الخالق الذي هو علة هذا الكيان وهذه الطبيعة. فإذا كانت الخطية كامنة في الظروف، والمجتمع، والشهوة الحسية، والجسد، والمادة، فالمسؤولية عنها إذ ذاك يجب أن تُلقى على ذاك الذي هو خالق كل شيء ومدبره. وعندئذٍ يمضي الإنسان بريئاً من أي لوم وسليماً من أي أذى. وفي هذه الحال لا تكون الخطية قد ابتدأت عند السقوط، بل عند الخلق. ومن ثم يتطابق الخلق والسقوط كلياً. وعندئذ تصير الكينونة - أي الوجود - في حد ذاتها خطيئة؛ والنقائض الأدبية كأنها والمحدودية شيءٌ واحد؛ كما يغدو الفداء مستحيلاً كلياً، أو يبلغ ذروته في محق العنصر الحقيقي، في النِرفانا.