|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وُلِدَ القدّيس مارون حوالي سنة 350م، آرامي العُرق وسريانيّ اللغة. نشأ في مدينة قورش شمال شرقي أنطاكية – من المُعتقد أنّ هذا المكان كان يُسمى "كفر نابو" - ، أرَّخ حياته أسقف قورش المؤرخ الشهير ثيودوريطُس القورشي معاصره، ووَرَدت سيرته في كتابه «تاريخ أصفياء الله». لم يعرفه شخصياً لكنَّه عرَفَ تلميذه يعقوب. يرىَ البعض أنَّ مارون ويوحنّا الذهبيّ الفم درسا معاً في أنطاكية قبل 398م. فثمَّة رسالة وجَّهها القدّيس يوحنا الذهبي الفم إلى مارون الناسك حين كان يوحنّا في المنفىَ، ولم يكن حينها أحدٌ من النُساك يحمل هذا الاسم سواه، كما أنَّ الراهب المُشار إليه في الرسالة هو من منطقة قورش. هجرَ مارون الدنيا ليتنسَّك فاختار قمة في ضواحي قورش على علو نحو 800 متر، كان قد أُقيم عليها قديماً هيكلاً وثنيّاً لتكريم الشياطين. وكانت المنطقة خالية من السكان فقصدَها مارون في النصف الثاني من القرن الرابع وكرَّس هذا المعبد لله ولعبادته. كان يقضي أيامه ولياليه في العراء بالصوم والصلاة والتقشّف، غير آبه بغضبِ الطبيعة وكان متى اشتدَّت العواصف يلجأ إلى خيمةٍ نَصَبَها بالقرب من ذاكَ المعبد صَنعَها بنفسه من جلد الماعز. شاعَت أخبار هذا القدّيس فقصدَته الجموع من كلِّ حدبٍ وصوب مُلتمسَةً شفاعته فانصرَفَ إلى وعظِ تلكَ الجماهير ومواساتها ناهياً عن المحرَّمات وزارعاً بذور التقوى والإيمان. وذاعَ صيته في الإمبراطوريّة البيزنطيّة التي كانت تسيطر على الشرق بأكملهِ. منهم مَن لجأ إليه لمرضٍ جسديّ وآخرون لمرضٍ نفسي. ولعلَّ القدّيس مارون هو الوحيد الّذي أنعمَ عليه الرب بنعمةِ شفاء المَرَضى وهو لا يزال على قيد الحياة، فكان يشفي أمراض الجسد والنفس أيضاً كالبخل والغضب. أقرَب الأشخاص إلى مارون كان الراهب زابينا الّذي أولاه القدّيس الكثير من الاحترام وأوقرَ شيخوخته واقتدى ببعض طُرُقه في الزُهدِ والتقشّف حتى أنّ بعض المؤرخين اعتبرَ أنَّ الراهب زابينا قد يكون معلّم مارون. مات القدّيس مارون حوالي سنة 410م فتنازعَت الجموع على جثمانِه الطاهر ممّا أدّى إلى نشوب صراعات بين القرى القورشيّة، ويذكرُ المؤرِّخ ثيودوريطُس أنَّ جثمان مارون كان في مكان قريب من مركز أبرشيته. وهذا ما استنتجه الأب هنري لامنس (مُستشرق بلجيكي)، في القرن التاسع عشر حين اعتبرَ أنَّ الجثمان قد يكون في شمال سوريا جنوب قورش في نحو نصف ساعة بينها وبين حلب. تكريماً لهذا القدّيس العظيم شيَّد الامبراطور البيزنطيّ مرقيانوس (452م) ديراً يحمل اسمه لا ندري بالضبط موقعه حالياً إنَّما من المُحتمَل أن يكون بجوار بلدة معرّة النعمان. انتسبَ كثيرون إلى هذا الدير فسُمّوا رُهبان دير مار مارون، كما انضوى أيضاً عددٌ لا يُستهان به من الراهبات ولعلَّ أشهرهنَّ القدّيسات مارانا وكيرا ودومنينا. قال عنه المؤرِّخ ثيودوريطُس:«كانت الحُمىَّ تخمدُ بظلِّ بركته، والأمراض على اختلافها تشفى جميعها، والأبالسة تنهزم بعلاجٍ واحد منه وهو "الصلاة"». تعيِّد له الكنيسة المارونيّة في التاسع من شهر شباط، أمّا باقي الكنائس الشرقيّة فتعيِّد له في الرابع عشر من الشهر ذاته. فبشفاعة قدّيسكَ مارون اشفِ يا ربّ كلّ أمراضنا الجسديّة والنفسيّة وامنح الخلاص لنفوسنا. |
|