لقد أغوى الشيطان الإنسان ليخطئ, واستسلم الإنسان لهذا الإغواء. والكتاب المقدس يقدم لنا وصفاً رمزياً لهذا الإغواء, حيث نقرأ في (تكوين 3: 1) ” أحقا قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنة” وهنا ينبغي لنا أن نسأل: هل هذا الإدعاء صحيح؟ في واقع الأمر هذا كلام دخل عليه تحريف وتزوير, وما قاله الله يختلف عما قالته الحية! (والتي هي هنا رمز الشيطان) وما قاله الله بالحقيقة ” من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً أما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكلا منها,لأنك يوم تأكل منها موتا تموت” (تكوين 2: 16-17). نلاحظ بأن الفارق بين كلام الله وكلام الحية هو كبير. اذ أن الحية تضع لا تأكل في بداية الكلام, فالله يبدو للوهلة الأولى المحرم الذي يمنع عن الإنسان خيراته, في حين أن البداية هي العطاء: ” من جميع شجر الجنة تأكل “, والحية تشوه الحقيقة وتشوه صورة الله, فالوجه المعطي يصبح وجهاً مُحَرِّماً, وكم من الناس خدعوا بالحية وبقيت صورة الله مرتبطة في أذهانهم, بصورة الذي يمنعهم من التمتع بالحياة ويحجب عنهم صورة الله محبة فيحل الخوف والشعور بالذنب مكان الإنطلاق والفرح والرجاء.
والحية لا تكتفي بهذا فقط, بل أنها تخطو خطوة أخرى على طريق زعزعة الثقة وزرع الشك بين الله والإنسان, ونتناول هذه المرة مقاصد الله وغايته من الوصية, فتقول لحواء: ” لن تموتا, بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر “.