علِمَ أنطونيوس أنَّ الله لا يُدرَك لا في الضَّجَّة ولا في الضَّوضاء، بل في الخلوة والصَّمت والتأمُّل، لأنـَّه روح. فترك الدُّنيا وأمجادها وخيراتها الزَّائلة وذهب إلى البرِّيَّة، تاركـًا باب بيته مفتوحًا، لا يحمل معه سوى زوَّادة لبضعة أيَّام، قد تخلـَّى عنها أيضًا في الطـَّريق، متذكـِّرًا آية الإنجيل:
بحسب الأب سيداروس؛ "إنَّ البرِّيَّة مع أنطونيوس تجاوزت حدودها الجغرافيَّة فأصبحت موضعًا للقاء الله ومقاومة الَشِّرِّير في آن، والإنفصال عن البشر، وهي ترمز إلى التـَّرحال من دون ارتباط بأرض أو ممتلكات ولا اهتمام بالجسد بل بمقاومة الرَّذائل، وإلى الإستقرار في مكان معيَّن في سبيل اكتساب فضائل معيَّنة تقاوم النـَّزعة الأنانيَّة".