|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس يوحنا ذهبي الفم الألم والجسد: "الجسد مادة، والمادة غير مسئولة عن الأعمال الصالحة أو الضارة التي تصدر عنها، فكيف نقول أن الجسد هو مصدر الألم؟". "بحق لا يقدر الجسد أن يرتكب أضرارًا خطيرة بدون النفس، لكن النفس تقدر أن ترتكب هذه الأمور دون الجسد". لقد أبدى إعجابًا شديدًا بالجسد بكونه خليقة الله، الفنان الأعظم، إذ يقول مثلًا عن العين: "خلق الفنان الأعظم، الله، العين بهذا الجمال الذي يبهر من يتأملها. هذه العين تحمل قوة لكي تختزن في داخلها مسافات شاسعة من خلال فتحة متناهية الصغر، فترى مناظر بلا عدد... من جبال وغابات وتلال وبحار وسموات ". الجسد خليقة جميلة صالحة لا تحطم النفس بل بالعكس تسندها في تحقيق غاية الإنسان، بكونه آلة بالروح القدس صالحة، إذ يقول: "النفس بالنسبة للإناء الخزفي (الجسد الترابي) إنما كالسائق للمركبة، والربان للسفينة، والموسيقار للقيثارة! إنما تمسك باللجام وتناور بالدفة وتلعب علي الأوتار لتؤدي غايتها وتحرج لنا نغمات فضائل عذبة متوافقة". مرة أخرى يتحدث عن أهمية الجسد في مساندة النفس، فيقول: "أن هلك الجسد ماذا يكون أثر ذلك علي النفس؟ أي تشويش وأمواج وعواصف تجتاحه...؟ حقًا لقد أوجد الله المعدة في أجسادنا كنوع من الطاحونة لكي تهبنا القوة المناسبة، وتعين قدرًا معينا لكي تطحنه كثيرًا كل يوم". كما يتحدث عن أهمية النفس في إبراز صلاحية الجسد وجماله إذ يقول "ممكن أن يكون الحصان ممتازًا وسريع الحركة لكن لا يظهر هذا بدون راكبه". أما انحراف الجسد عن غايته فسره ليس فساد الجسد في ذاته بل إهمالنا وتراخينا... بل النفس هي المسؤول الأول لأنها قائد الجسد... "لقد وهبت لنا الأعين للنظر بها الخليقة فنمجد السيد الرب، لكننا أن كنا نسيء استخدمها، تصير خادمة للزنا. أعطينا لسانا نعلم به ونسبح به الخالق، لكننا أن لم نحترز لأنفسنا يسير علة تجديف. أخذنا الأيدي لنرفعها في الصلوات، فأن لم نتيقظ تعمل في الطمع والجشع. وهبنا الأقدام لكي تسير في الصلاح، وبسبب إهمالنا تتسبب في أعمال شريرة...". وفي تعليقه علي (غلا 5: 12) "يا ليت الذين يقلقونكم يقطعون أيضًا". يتحدث عن أتباع ماني الذين يجعلون من الجسد مصدرًا للفساد يلزم التخلص منه... إذا يقول: "هؤلاء يدعون الجسد غدارًا، من أصل شرير... إلا يلزمهم بذلك يفقأوا أعينهم لأن الشهوة تدخل إلى النفس عن طريقها؟ لكن الحقيقة أنه ليس العين ولا أي عضو آخر فينا هو الذي يلام إنما أرادتنا الفاسدة وحدها هي موضع اللوم. أن كانوا لا يقبلون هذا فلماذا لا يبترون اللسان بسبب التجديف والأيدي بسبب السلب والأقدام بسبب السلوك الرديء، وبالاختصار يبترون كل أعضاء الجسد؟ فأن الأذن إذ يسحرها صوت المزمار غالبًا ما تؤثر علي النفس، والأنف تتنسم الرائحة اللذيذة تسبي الذهن وتجعله يثور نحو اللذة. لكن هذا القول شرير ومبالغ فيه وجنون شيطاني... لنلاحظ هنا أن ما نرتكبه إنما هو خطية النفس. فأن إشباع شهوات الجسد ليس من عمل الجسد بل من عمل النفس. وأن أرادت النفس أن تميت هذه الشهوات لها السلطان المطلق في السيطرة علي الجسد. أن ما يقولونه يشبه شخصًا رأى إنسانًا يقدح نارًا و يلقي وقودًا علي بيت و يشعل فيه، فيلوم النار لا الذي أشعلها, وذلك لأنها أمسكت بالوقود وارتفعت جدًا. كأن يليق بنا لا أن نلوم النار بل الذي أشعلها، فقد أعطيت لنا النار لكي نطهي الطعام ونضيء بها ونستخدمها في خدمات مماثلة وليس لحرق المنازل... هكذا أيضًا الشهوة المزروعة فينا وجدت لأجل تشييد العائلات وضمان الحياة وليس الزنا والنجاسة والفسق. لقد أعطيت لكي يكون الرجل أبًا لا زانيًا، زوجًا شرعيًا لا فاسقًا، يترك من بعده ورثة لا أن يُحطم رجلًا غده. فأن الزنا لم يقم عن الطبيعة، إنما الخلاعة هي ضد الطبيعة...". النفس هي المسئولة عن الجسد، هي قائده وسيده ومدربه وليس عدو للجسد وقاتل له... ففي تعليقه علي كلمات الرسول "أقمع جسدي واستعبده" يقول: "لا يقول (الرسول) "اقتل" ولا "أعاقب"، فأن الجسد ليس موضوع بغضة، لكنه يقمعه ويستعبده. هذا هو عمل السيد لا العدو، المعلم لا الخصم، المدرب لا المقاوم" أن فساد أعضائنا علته فينا، أردنا أن نخطئ فأفسدنا حياتنا واشتركت النفس في سر فساد الإنسان... لكن الله كلي الحب لم يترك جسدنا يهلكه الفساد، بل حمل ناسوتنا بلا خطية، حتى بتجسده وآلامه وموته وقيامته يعيد إليه أمجاده الأصلية. في هذا يقول: "بسبب الخطية وضع الله جسد الإنسان تحت سيف الفساد، لكن هذه الصورة ليست نهائية، إنما يتجمد الجسد من جديد في جسد المخلص عند القيامة". وفي عظته الخامسة علي الرسالة إلى أهل أفسس يؤكد القديس ليس حاجة الجسد فقد وإنما حاجة النفس أيضًا إلى توجيه علوي من السماء حتى لا يكون في فساد. فالإنسان الذي يترك نفسه تعمل حسب هواها دون عمل روح الله القدوس يحسب إنسانًا "طبيعيا"، والذي يترك جسده يعمل حسب شهواته دون عمل روح الله القدوس يحسب إنسانًا "جسدانيا". ليس فقط الجسد بل "والنفس تحتاج إلى توجيه سماوي، فأنها في ذاتها أن لم تقبل دافعًا من فوق لا يمكن أن تكون عظيمة وصالحة. يكمل القديس حديثه قائلًا: "علي أي الحالات يلزم أن يكون لنا الروح معنا حتى ينال الراكب (النفس) قوة جديدة، فيعطي جمالًا للجسد والنفس". |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس يوحنا ذهبي الفم بدد الخطية علة الألم |
القديس يوحنا ذهبي الفم الألم والخطية |
القديس يوحنا ذهبي الفم الألم والشيطان |
القديس يوحنا ذهبي الفم ومفهوم الألم |
رجل الألم القديس يوحنا ذهبي الفم |