فإِذا زُرِعَت، اِرتَفَعَت وصارَت أَكبَرَ البُقولِ كُلِّها، وأَرسَلَت أَغْصاناً كَبيرة، حتَّى إِنَّ طُيورَ السَّماءِ تَستَطيعُ أَن تُعَشِّشَ في ظِلِّها
تشير عبارة " إِذا زُرِعَت، اِرتَفَعَت " الى اندفاع لا يمكن مقاومته، ويعشيه كل واحد من دون ان يكون سيد الامر، بل مشاهداً فقط، وهذا هو حال الملكوت ايضا.
أمَّاعبارة "صارَت أَكبَرَ البُقولِ كُلِّها" فتشيرالى التباين بين صغر الحبَّة وهي مدفونة في الارض، وكِبر النبات في نهاية نموّه، وذلك للدلالة على قوة ملكوت الله الذي تعمل قدرته في الخفاء من خلال أعمال يسوع وتعليمه.
ومن هذا المنطلق نستطيع ان نفهم عملية النمو الروحي من خلال مقارنته بنمو حبة الخرذل البطيء، ولكن أكيد ان المفاجأة في المثل ليست في النهاية بل في البداية: لا يقول المثل كيف تصير البداية الصغيرة ملكوتا، ولا يقول إلامَ يُشبه ملكوت، ولا يقول متى يأتي الملكوت. بل المثل يدعو الى ضرورة حتمية ووعد الأكيد يقودان البداية الصغيرة الى عظمة الاكتمال، وهكذا المثل يخفي بقدر ما يكشف. ويعلق القدّيس بطرس خريزولوغُس " الرّب يسوع قد زرع حبّة الخردل في حديقته.
أخذت جذورها عندما وعد الآباء بالملكوت، لقد أفرخت مع الأنبياء، وكبرت مع الرسل، وأصبحت الشجرة الكبيرة الّتي امتدت أغصانها الّتي لا عدّ لها في الكنيسة، وأغدقت عليها هباتها"(العظة 98).