|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الجلسة الأولى لمجمع أفسس 22 يونيو 431 - الرئاسة وعدد الحاضرين كان ينتظر وصول أحد البطاركة وهو بالتحديد يوحنا الأنطاكي. وقد قال أن أساقفته لن يتمكنوا من ترك إيبارشياتهم قبل أحد التجديد ثم أنهم محتاجون إلى اثنا عشر يومًا للسفر إلى أنطاكية وإلى تسعة وثلاثين يومًا منها إلى أفسس وبالتالي لن يتمكنوا من الوصول إلا بعد مضى بضعة أيام بعد عيد الخمسين(1). وأخيرًا بحلول عيد الخمسين(2) وصل يوحنا في منطقة بالقرب من أفسس وأرسل إلى كيرلس خطابًا، ما زال موجودًا، مملوءًا ودًا، وبيّن له أن طول الطريق ونفوق عدد من الخيل قد عطل الرحلة، ولكن على الرغم من ذلك هو قريب من المكان وسيحضر إلى أفسس في خلال خمسة أو ستة أيام(3). وبالرغم من ذلك فقد انتظروا ستة عشر يومًا(4) ثم جاء اثنين من مطارنة بطريركية أنطاكية: هما ألكسندر أسقف أباميا وألكسندر أسقف هيرابوليس وأوضحوا مرارًا بأن يوحنا قد طلب منهم أن يقولوا أنهم لا ينبغي أن يؤجلوا افتتاح المجمع بسببه، ولكن في حالة ضرورة تأخره أكثر من ذلك، عليهم أن يفعلوا ما يجب عمله(5). وعندئذ استنتجوا من ذلك أن البطريرك يوحنا كان ينوى أن يتجنب حضوره شخصيًا وقت إدانة كاهنه السابق وصديقه نسطور. هنا قرر كيرلس وأصدقائه افتتاح المجمع فورًا واجتمعوا من أجل هذا الغرض يوم 28 من الشهر القبطي بؤونة (22 يونيو) عام 431م، في كاتدرائية أفسس، التي كانت مناسبة جدًا لمثل هذا الاجتماع، وكانت مدشنة على اسم والدة الإله(6). في اليوم السابق، كُلف عدد من الأساقفة بالذهاب إلى نسطور ودعوته لحضور الجلسة، ليعرض تصريحاته ومعتقداته. في أول الأمر أجاب قائلًا: "سآخذ ذلك في الاعتبار". مع ذلك، عندما أرسل المجمع مندوبًا آخر يوم 22 يونيو، يوم الافتتاح، إلى منزله بأمر من كانديديان، وجدوه محاطًا بجنود منعوا الأساقفة بتهديدات بالضرب من الدخول، وأرسل نسطور لهم قائلًا بأنه "سيحضر بمجرد أن يجتمع جميع الأساقفة". ولمرة ثالثة أرسل المجمع بعض الأساقفة إليه، ولكنهم لم يتلقوا ردًا بل عُوملوا بإهانة insolence من الجنود الحراس الموجودين داخل المنزل وخارجه(7). وقبل هذه الأحداث أرسل 68 أسقفًا من آسيا من بينهم بصفة خاصة ثيئودوريت أسقف قورش وألكسندر أسقف أباميا وألكسندر أسقف هيرابوليس خطابًا إلى كيرلس وجوفينال يقولون فيه أنهم سيكونون سعداء لتأجيل افتتاح المجمع لحين وصول أساقفة أنطاكية(8). ورغم ذلك فقد حضر في ذلك الحين المندوب الإمبراطوري كانديديان بنفسه إلى مكان الاجتماع من أجل قراءة المراسيم الإمبراطورية ومن أجل الاحتجاج على افتتاح المجمع الفوري(9). وقد تم تجاهل طلبه بالانتظار أربعة أيام أخرى، وبدأت الجلسة الأولى المهيبة تحت رئاسة كيرلس الذي كان أيضًا يمثل بابا روما، كما تنص دقائق الجلسة بوضوح(10). وحضر من البداية ما لا يقل عن 160 أسقف(11)، وعندما قدمت (في الجلسة الأولى) وثيقة العزل للتوقيع، زاد عددهم إلى 198(12). وقد انحاز للمجمع عشرون أسقفًا آسيويًا من الثمانية والستون، كما يتضح من مقارنة الأسماء مع توقيعات المراسيم المجمعية(13). كان أول شيء تم عمله في المجمع هو قراءة الخطاب الإمبراطوري الخاص بدعوة جميع المطارنة، وقد اقترح ذلك القس بطرس السكندري، الذي كان يعمل كموثق عام أثناء كل المجمع، وخارجيًا كان يشرف على ترتيبات العمل(14). هنا أشار ممنون أسقف أفسس بأنه قد مضت ستة عشر يومًا على المدة المحددة للافتتاح؛ وشرح كيرلس بأنه حتى طبقًا لأمر الإمبراطور الواضح؛ كان عليهم أن يبدأوا الجلسات بدون تأخير احترامًا للإيمان. وعند ذلك، أشاروا إلى الدعوة الأولى التي أرسلت إلى نسطور في اليوم السابق، ثم إلى الوفدين الثاني والثالث اللذين تم إرسالهما له وسبق الإشارة إليهما. وتقارير الأساقفة الموفودين الذين رجعوا والتي تم استلامها. وحيث أن نسطور قرر تجنب الظهور، واصلوا بناء على اقتراح جوفينال دراسة موضوع العقيدة وبدأوا بقراءة قانون الإيمان النيقاوي(15). ثم قرأوا رسالة كيرلس الثانية(16) إلى نسطور التي شرح فيها عقيدة الاتحاد الأقنومي للاهوت والناسوت في المسيح. وردًا على سؤال من كيرلس عما إذا كانت رسالته هذه متوافقة مع محتويات قانون الإيمان النيقاوي، أجاب جميع الأساقفة الموجودين بالإيجاب واجتماعيًا وعلى قدر كبير بمديح كيرلس، ومن ضمنهم 126 أسقفًا أجابوا بعبارات قصيرة ما زالت محفوظة (تشرح تصويتهم(17)(18)). ثم جاء دور قراءة الخطاب الذي أرسله نسطور ردًا على خطاب كيرلس الذي سبق ذكره... وبعد أن أعلن أربعة وثلاثون أسقفًا بأصوات مؤكدة عدم توافق (خطاب نسطور) مع قانون الإيمان النيقاوي، صرخ جميع الأساقفة معًا: "إذا لم يحرم أي شخص نسطور فليكن هو نفسه محرومًا، أن الإيمان الصحيح يحرمه والمجمع المقدس يحرمه. وإذا كان لأي شخص شركة مع نسطور فليكن محرومًا. نحن جميعًا نحرم رسائل وعقائد نسطور، نحن جميعًا نُحرم نسطور الهرطوقي وأتباعه وعقيدته المضادة للتقوى impious. نحن جميعًا نحرم نسطور غير التقى impious (ajsebh' ) إلخ.."(19). بعد ذلك تم قراءة وثيقتين أخريين وهما تحديدًا خطاب كليستين والمجمع الروماني، وخطاب كيرلس السكندري إلى نسطور(20)؛ وتم سؤال الأربعة من الإكليروس الذين أرسلهم كيرلس ليسلموا هذه الوثيقة إلى نسطور عن نتيجة مهمتهم. وقد أجابوا بأن نسطور لم يعطهم ردًا على الإطلاق. ومع ذلك، فمن أجل التأكد من أنه ما زال مصممًا على خطئه، تم سؤال أسقفين: ثيئودوتس أسقف أنقرة Ancyra وأكاكيوس أسقف ميليتين Melitene إذ كانت تربطهم بنسطور صداقة شخصية، وكانوا خلال الثلاثة أيام الماضية في مناقشات اعتيادية معه، محاولين أن يحولوه عن خطئه.. لكنهم أعلنوا للأسف أن جميع مجهوداتهم معه كانت سدى(21). ومع ذلك، بناء على اقتراح مقدم من فلافيان أسقف فيلبى ومن أجل تقديم النقطة العقائدية موضوع النقاش لدراسة شاملة، وفي ضوء أدلة الآباء، تم قراءة عددًا من كتابات آباء الكنيسة، التي تم التعبير فيها عن الإيمان القديم بخصوص اتحاد اللاهوت والناسوت في المسيح. كانت تلك بيانات لآراء بطرس(22) أسقف الإسكندرية، وأثناسيوس(23)، والبابا يوليوس الأول، والبابا فيليكس الأول، وثيئوفيلوس(24) رئيس أساقفة الإسكندرية، وكبريان، وأمبروسيوس Ambrose، وغريغوريوس النازيانزى، وباسيليوس الكبير، وإغريغوريوس النيصي، وأتيكوس Atticus أسقف القسطنطينية، وأمفيلوكيوس Amphilochius أسقف إيقونية Iconium . كل أولئك الرؤساء الأوائل لم يعلموا أي شيء عن فصل اللاهوت من الناسوت الذي علَّم به نسطور، ولكن على العكس من ذلك علموا بالتجسد الحقيقي للوغوس. فقد قال الشهيد المبجل بطرس أسقف الإسكندرية: "أن الله الكلمة (اللوغوس) صار جسدًا، ووُلد من رحم العذراء"؛ أما أثناسيوس فقد كان يستخدم تكرارًا وبدون تردد تعبير والدة الإله (qeotovko") المرفوض (أو غير المقبول) من نسطور، ويقول: "حيث أن الجسد وُلد من (حاملة) والدة الإله، لذلك فإننا نقول أنه (أي اللوغوس) كان هو نفسه مولودًا من مريم." وفي فقرة أخرى يلوم أثناسيوس بشدة هؤلاء الذين هم (مثل نسطور تمامًا) ويقولون: "المسيح المتألم والمصلوب ليس هو الله اللوغوس"؛ ويقول (أثناسيوس) "مَنْ الذي يفرق بين المسيح واللوغوس ولا يعترف ولا يوافق أن اللوغوس بما أنه أخذ جسدًا من مريم قد صار إنسانًا؟" وفي فقرة أخرى يُعلم أثناسيوس أن: "اللوغوس صار إنسانًا في الحقيقة وبكل معنى الكلمة (وليس بالتبني qevsei = والاتصال الخارجي) وإلا لما كان فادينا". وبالاتفاق مع ذلك قال البابا يوليوس: "لا يوجد ابنين، واحد حقيقي لبس إنسانًا وآخر لبسه الله، ولكن إله وحيد الجنس في السماء، وإله وحيد الجنس على الأرض". وحتى البابا فيليكس الأول الذي عاش قبل نسطور بأكثر من قرن ونصف القرن، رفض هذا الخطأ عندما كتب: "نحن نؤمن بربنا يسوع المسيح، الذي وُلد من العذراء مريم، وأنه الابن الأزلي وكلمة الله وليس إنسانًا لبسه الله، مختلفًا عن هذا (الكلمة). لأن ابن الله لم يلبس إنسانًا حتى أن ذاك كان مختلفًا عنه، ولكنه هو الإله الكامل كان في نفس الوقت إنسانًا كاملًا، آخذًا جسدًا من العذراء." كانت هناك فقرات لكبريانوس Cyprian وأمبروسيوس Ambrose لكنها كانت أقل إثارة للانتباه؛ أما إغريغوريوس النازيانزي فقد كان واضحًا جدًا إذ قال: "نحن لا نفصل الإنسان عن اللاهوت، ولكن نعلن أن الاثنين هما واحد ونفس الشيء، الذي في البداية لم يكن إنسانًا، ولكن إلهًا، وابن الله الوحيد، قبل كل الدهور وبدون الطبيعة المادية، ولكن في نهاية الأزمنة لَبِس إنسانًا من أجل خلاصنا. نحن نعترف بأنه واحد ونفس الشيء، إلهي وأرضى، مرئي وغير مرئي، إلخ. في نفس الوقت لكي من خلال الإنسان الكامل، الذي هو في نفس الوقت إله، تعاد خلقة الإنسان الكامل الذي سقط في الخطية." كما أن السبع حرومات التي يلحقها إغريغوريوس النزينزى بهذه الفقرة، هي جميعها ضد النسطورية وأولها يحرِم من لا يلقبون مريم والدة الإله qeotokoV ، والرابعة تحرم من يقولون أنه يوجد ابنين، واحد أزلي من الآب والثاني من مريم. بالإضافة إلى ذلك فإن الفقرة المختارة من باسيليوس تعطى الإحساس كما لو كانت كُتبت بالإشارة إلى نسطور؛ لأنها تقول: "الإله الذي لا يُقاس ولا ينضُب، بدون أن يكون قابلًا للألم (في ذاته) بلباسه الجسد حارب الموت لكي بآلامه هو نفسه ينجينا من مسئولية الألم". وبنفس النهج يتكلم أيضًا إغريغوريوس النيصى، وأتيكوس Atticus أسقف القسطنطينية، وأمفيلوكيوس Amphilochius أسقف إيقونية Iconium وثيئوفيلوس أسقف أنطاكية: "أن الله وُلد وماتَ"(25). ضد هذه الفقرات الآبائية، تمت بعد ذلك قراءة عشرين فقرة من كتابات نسطور، بعضها طويل والبعض الآخر قصير، عبرت عن آرائه الأساسية، والتي قدمناها بعاليه، في قطع متفرقة(26) وin concreto. وآخر وثيقة تم استخراجها في هذه الجلسة الأولى كانت خطاب كابريلوس Capreolus رئيس أساقفة قرطاجنة Carthage وفيها يسألهم العذر لعدم تمكنه من الحضور بنفسه أو إرسال أي أسقف من مساعديه بسبب الحرب في أفريقيا. بجانب ذلك، قال أنه لم يستلم خطاب دعوة الإمبراطور حتى عيد القيامة عام 431 م.، أي وصل متأخرًا جدًا... ولذلك أرسل رئيس الأساقفة شماسه بيسولا Bessula وطلب من المجمع أن لا يحتمل بدع في أي موضوع يخص الدين(27). وفى ذلك لم يشر بجلاء إلى نسطور، ولكنه بوضوح يشير إلى أنه يحسب معتقدات نسطور بين البدع غير المقبولة. وبعد أن وافق المجمع على خطاب الأسقف الإفريقي هذا بدأ بإدانة نسطور ونص الحكم كما يلي(28): "بالإضافة إلى أشياء أخرى كثيرة فإن نسطور غير التقى لم يطع استدعاءنا ولم يقبل الأساقفة القديسين الذين أرسلناهم إليه، وقد كنا مضطرين إلى اختبار معتقداته الأثيمة (غير التقية)، واكتشفنا أنه قد كتب ونشر عقائد لا توافق الإيمان الصحيح في خطاباته ومقالاته وأيضًا في محاضراته التي ألقاها في هذه المدينة، والتي ثبتت عليه. ونحن مدفوعون بالقوانين الكنسية ووفقًا لخطاب أبينا القديس وشريكنا في الخدمة كليستين، أسقف روما، لقد وصلنا بدموع كثيرة إلى هذا الحكم المؤسف ضده وهو أن ربنا يسوع المسيح الذي جدف عليه، قرر بواسطة المجمع المقدس أن يكون نسطور مفصولًا من كرامة الأسقفية ومن كل شركة كهنوتية". وكما أشرنا فيما سبق أن هذا الحكم كان قد وقع عليه في البداية الـ198 أسقفًا الحاضرون، ثم بعد ذلك اتخّذ آخرون هذا الجانب حتى بلغ عدد الذين وقعوا مائتي أسقف(29). قد استمرت الجلسة من الصباح الباكر وحتى الليل، وانتظر شعب أفسس اليوم كله ليسمع القرار. وعندما عرف ذلك أخيرًا كان هذا سببًا لفرح عظيم؛ امتدحوا المجمع ورافقوا الأعضاء وبصفة خاصة كيرلس بالمشاعل حتى منازلهم. وكانت المدينة أيضًا مضيئة في أماكن كثيرة. وكتب كيرلس ذلك بفرح في أحد خطاباته الثلاثة التي أرسلها في ذلك الوقت إلى أعضاء كنيسته في الإسكندرية وإلى رهبان مصر(30). في اليوم التالي تم إرسال الحكم الذي صدر إلى نسطور نفسه في مرسوم مقتضب جدًا. ويدعى في العنوان بيهوذا جديد، وكتب في النص بطريقة موجزة: "ينبغي عليه أن يعرف بأنه بسبب معتقداته التي لا توافق الإيمان الصحيح وعصيانه للقوانين الكنسية (لأنه لم يظهر استجابة لدعوة المثول أمام المجمع)، قد تم عزله بواسطة المجمع المقدس في يوم 22 يونيو طبقًا للقوانين الكنسية وتم طرده من جسد الكهنوت"(31). وفى خطابين قصيرين آخرين بنفس التاريخ، واحد لجميع الشعب، والثاني لكهنة القسطنطينية، أعلن المجمع ما تم عمله واستلزم أن يقوم المجمع بالمحافظة على ممتلكات كنيسة القسطنطينية، حتى يمكن أن يُعطى حسابًا لمن، حسب إرادة الله وإشارة الإمبراطور (neumati)، سوف يصير أسقفًا لتلك المدينة(32). وكرئيس للمجمع، كتب كيرلس بإسهاب إلى أصدقائه وممثليه في القسطنطينية، والأرشيمندريت دلماتيوس Dalmatius وعدد من الأساقفة والكهنة المصريين، وقص عليهم كل ما جرى في الجلسة، بدءًا من دعوة نسطور للمثول أمام المجمع إلى عزله، مع طلبه بأن ينتبهوا حتى لا تنتشر إشاعات كاذبة في الخارج. وقد عُرف أن الكونت كانديديان قد أرسل بالفعل بعض المعلومات الزائفة (إلى الإمبراطور)؛ بينما لم يكن المجمع قد أكمل بعد تقريره الكامل إلى الإمبراطور (مع القرار)(33). |
|