|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأنبا انطونيوس صراع الأول لأنطونيوس ضد إبليس، أو بالحرى كانت هذه النصرة هي عمل المخلص فى أنطونيوس إذ “دان الخطية فى الجسد لكي يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح” . ولكن بالرغم من سقوط الشرير فإن أنطونيوس لم يتراخ فى حرصه، ولم يستهن به، كما أن العدو لم يكف عن نصب الفخاخ لـه حتى بعد أن غاب عنه. فإنه صار يجول حوله كأسد طالبا ضده أي فرصة. أما أنطونيوس فإذ تعلم من الكتب أن مكايد إبليس كثيرة ، استمر فى النسك بغيرة معتبراً أنه، وإن كان إبليس قد عجز عن خداع قلبه بالملذات الجسدية فقد يحاول أن يصطاده بوسائل أخرى، لأن الشيطان يحب الخطية. من أجل هذا اجتهد أن يقمع جسده أكثر فأكثر ويستعبده . لئلا بعد أن ينتصر فى إحدى النواحي يغلب فى الأخرى. لذلك اعتزم أن يمرن نفسه على نوع من الحياة أشد صرامة، وقد تعجب الكثيرون، أما هو فتحمل التعب بسهولة. لأن حماسة الروح التي لازمته طول الوقت أنشأت فيه عادة طيبة حتى أنه أظهر غيرة شديدة فى هذه الناحية وإن كان لم يتلق من الآخرين سوى القليل من الإرشادات. وكان يسهر طويلا لدرجة أنه كثيرا ما كان يقضى الليل مصليا دون أن ينام، وهذا لم يفعله مرة واحدة بل مراراً حتى عجب منه الآخرون. وكان يأكل مرة واحدة فى اليوم، بعد الغروب، وفى كثير من الأحيان مرة كل يومين، وفى بعض الأحيان مرة كل أربعة أيام، أما طعامه فكان الخبز والملح. وشرابه الماء فقط. أما عن اللحم والخمر فقد كان مجرد الكلام عنهما يعد ترفا، طالما كان الأشخاص الآخرون الغيورون لا يتعاطون منهما شيئا. وكان يكفيه أن ينام على حصيرة خشنة. ولكنه غالبا كان ينام على الأرض عارية. وأبى أن يدهن نفسه بالزيت, قائلا أنه يليق بالشبان أن يكونوا جادين فى التدريب دون أن يطلبوا ما يلطف الجسد، بل يجب أن يعودوه على العمل متذكرا كلمات الرسول: “حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوى”. وقال: “لأن قوة النفس تكون سليمة عند الإقلال من ملذات الجسد“. وقد وصل إلى هذه النتيجة العجيبة حقا: “إن التقدم فى الفضيلة. والاعتزال عن العالم من أجلها. يجب أن لا يقاسا بالزمن بل بالرغبة وثبات العزيمة“. وهو على الأقل لم يبال بالماضي بل كان يوماً فيوماً ـ كأنه فى بداية نسكه ـ يبذل مجهوداً أشق نحو النمو. مكرراً لنفسه على الدوام قول بولس: “أنسى ما وراء وأمتد إلى ما هو قدام”. وكان يذكر أيضا الكلمات التي قالها ايليا النبى: “حي هو الرب الذى أنا واقف أمامه اليوم”. لأنه لاحظ أن النبى بقوله “اليوم“ لم يخص الزمن الذى مضى بل سعى باهتمام كل يوم، وكأنه على الدوام مبتدئ. لكي يجعل نفسه جديراً بالظهور أمام الله. نقى القلب مستعداً دائماً للخضوع لمشورته ولـه وحده، وقد تعود أن يقول لنفسه: “إن الناسك ينبغي أن يرى حياته فى حياة ايليا العظيم كما فى مرآة“. |
|