|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَيَكونَ لَكَ كَنزٌ في السَّماء، وتَعالَ فَاتَبعْني "وتَعالَ فَاتَبعْني" فتشير إلى السير في طرق الله، تلك الطرق التي يخطُّها ابن الله، يسوع المسيح ليأتي بجميع البشر إلى الخلاص. ولم يذكر هذه العبارة في هذه الوصايا سوى مرقس الإنجيلي. وهذه الكلمات هي نفسها التي قالها يسوع للتلاميذ الأربعة، بطرس واندراوس وبعقوب ويوحنا (مرقس 1: 17)، وللاوي ابن حلفى (مرقس 2: 14). يعلق بندكتس السادس عشر "يدعو يسوع تلاميذه لهبة الذات الكاملة، دون حساب ودون منفعة، في ثقة مطلقة بالله " (رسالة البابا بمناسبة يوم الشبيبة العالمي 25). ولا يعني إتباع يسوع اعتناق تعليم أدبي وروحي فحسب، وإنما مشاركته في مصيره في الصليب (متى 16: 24) والمجد (عبرانيين 6: 20). في نظر بولس، إتّباع المسيح يعني تطابق الإنسان مع سر موته وقيامته، وهذا التطابق المقدّر لنا في قضاء الله منذ الأزل كما جاء في تعليم بولس الرسول " ذلك بأَنَّه عَرَفَهم بِسابِقِ عِلمِه وسَبَقَ أَن قَضى بِأَن يَكونوا على مِثالِ صُورَةِ ابنِه لِيَكونَ هذا بِكْراً لإِخَوةٍ كَثيرين" (رومة 8: 29). وأمَّا عند يوحنا، فإتّباع المسيح يعني الإيمان به إيماناً كاملاً، مؤسسا على آيات خارجية كما كان اليمان السامريين بيسوع "لا نُؤمِنُ الآنَ عن قَولِكِ، فقَد سَمِعناهُ نَحنُ وعَلِمنا أَنَّهُ مُخَلِّصُ العالَمِ حَقاً))."(يوحنا 4: 42)، إيماناً يتغلب على كل تردُّد من جانب الحكمة البشرية "فتَبِعَه جَمعٌ كثير، لِما رَأوا مِنَ الآياتِ الَّتي أَجْراها على المَرْضى" (يوحنا 6: 2)، ويعني إتّباع نور العالم واتخاذه رائداً (يوحنا 8: 12)، ويفيد الانتظام في صف الخراف التي يجمعها الراعي الواحد في قطيع واحد (يوحنا 10: 1-16). فطريق الحياة هو إن نطرح كل ما يعوقنا ونتبع يسوع. فمن الممكن إن يُضحي الإنسان بممتلكاته في سبيل قضية عادلة بدون إن يصبح من أتباع يسوع "لَو فَرَّقتُ جَميعَ أَموالي لإِطعامِ المَساكين، ولَو أَسلَمتُ جَسَدي لِيُحرَق، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما يُجْديني ذلكَ نَفْعًا" (1 قورنتس 13: 3). لا شك في أنَّ يسوع يطلب من المسيحي أن يتخلى عن الغنى. ولكن هذا التخلي هو موقف قبول وشرط أساسي لولادة جديدة، لنتقبل الخلاص الآتي من عند الله وحده. لا يكفي إن نحفظ الوصايا من اجل إن نكون تلاميذ حقيقيين للمسيح، فالمسيح يطالبنا أن نكون كاملين. ومن اجل ذلك مطلوب منا إن نبيع ما لنا ونتصدَّق به على الفقراء ونذّخر به لذواتنا كنزا في السماء. وبكلمة أخرى، مطلوب منا تحويل مدخراتنا من بنك هذه الحياة الأرضية إلى بنك الأرصدة المرصودة لحساب الحياة الأبدية، ومقرّه السماء، حيث لا ينقب سارقٌ ولا يفسد سوس (متى 6: 20) بأرباح عالية جدا. |