|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فلمَّا رأَى يسوعُ أَنَّه أَجابَ بِفَطَنة قالَ له: ((لَستَ بَعيداً مِن مَلَكوتِ الله)). ولَم يَجرُؤْ أَحَدٌ بعدَئذٍ أَن يَسأَلَه عن شَيء. عبارة " بِفَطَنة " في الأصل اليوناني νουνεχῶς (معناها بعقل) تشير إلى الحكمة حيث كانت إجابة السيد المسيح مملوءة حكمة. فحبُّ إخوتنا يعتبر مُكملاً لحبنا لله، ولا يمكننا أن نحب الله غير المنظور ولا نحب إخوتنا المنظورين كما أكّد ذلك يوحنا الرسول " إذا قالَ أَحَد: ((إِنِّي أُحِبُّ الله)) وهو يُبغِضُ أَخاه كانَ كاذِبًا لأَنَّ الَّذي لا يُحِبُّ أَخاه وهو يَراه لا يَستَطيعُ أَن يُحِبَّ اللهَ وهو لا يَراه " (1 يوحنا 4: 20)؛ أمَّا عبارة "لَستَ بَعيداً مِن مَلَكوتِ الله" فتشير إلى معرفة الكاتب ملامح طريق الملكوت، وأنه مستعد لدخول الملكوت لكن لم يكن قد دخله بعد ولا تمتع به. فمعرفة الحق واستحسانه يجعلان الإنسان قريبا من الملكوت السماوي. فالمسيح لم يكتفِ بتثبيت إجابته وإعلان صوابها، بل دعاه إلى الدخول في ملكوت السماوات الّذي ليس بعيدًا عنه. إن هذا النص الوحيد في الأناجيل الذي يثني فيه يسوع على أحد "الكتبة" لكي يرفع من قدره ويُشجِّعه إلى اتخاذ الخطوة الأخرى، وهي الإيمان بيسوع نفسه، غاية الشريعة. ويرى فيه إنجيل مرقس كاتبا حسن النية ومخلصا وذكيا وباحثًا عن الحقيقة بصدق ومُستمع جيّد ومندفع جاء من اجل الحوار مع يسوع خلافا لما ورد في أنجيل متى حيث الكتبة جاؤوا إلى يسوع ليُحرجوه (متى 22: 35). ولم ينضم أحدٌ من الكتبة إلى يسوع؛ كذلك في إنجيل لوقا جاء الكتبة إلى يسوع لإحراجه فسأله أحدهم " يا مُعَلِّم، ماذا أَعملُ لِأَرِثَ الحيَاةَ الأَبَدِيَّة؟" (لوقا 10: 25) لكن بعضهم كانوا يوافقون يسوع. أمَّا عبارة "ولَم يَجرُؤْ أَحَدٌ بعدَئذٍ أَن يَسأَلَه عن شَيء" فتشير إلى عدم جُراءة أحد من الفريسيين والصدوقيين لطرح سؤال ليسوع خوفا من الوقوع في الفخ لسمو حكمة يسوع في دفع اعتراضات المعترضين كما يوكّد ذلك متى الإنجيلي فلَم يَستَطِعْ أَحدٌ أَن يُجيبَهُ بِكَلِمَة، ولا جَرُؤَ أَحدٌ مُنذُ ذلكَ اليَومِ أَن يَسأَلَه عن شَيء" (متى 22: 46). هل هاتان الوصيّتان اللتين هما خلاصة كلّ شرائع الربّ تُهيمنان على كلّ أفكارنا وقراراتنا وتصرّفاتنا؟ |
|