|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل الصليب هو الطريق الوحيد لخلاص العالم؟ الصليب هو التعبير الوحيد لمحبة الله الفائقة، وفقاً لقول المسيح: «لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ»(يوحنا 3: 16) . فالصليب هو المذبح الذي قدّم عليه المسيح ذاته ضحية إثم، ليرفع خطية العالم. وبدون هذه الذبيحة الكفارية، كان لا بد للبشر أن يرزحوا تحت ثقل الحكم القائل: «اَلنَّفْسُ ٱلَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ» (حزقيال 18: 20) ولشرح هذا الأمر ينبغي أن نذكر أن الإنسان فطر على حالة تلزمه أن يتأمل في المستقبل. لأن ضميره يخبره بأن كل أعماله ستُرقع إلى حَكم عادل. وأن المخالفات التي ارتكبها تحمله على الشعور بالمذنوبية والخوف من القصاص الذي يعكر سلامه، ويهدد سعادته المرجوة في العالم الآتي. وقد أجمع المؤمنون بالله من كل الطوائف على أن الإنسان الذي مارس الخطية في حياته دون كفارة، لا يستطيع أن يواجه الله، لأن الخطية جعلته عدواً لله. ومع ذلك فهذا الإنسان الذي جعلته خطاياه عدواً لله لا يمكن أن يكره رحمته. وقد سمعنا من أشرار كثيرين أقوالاً تؤكد بأنهم يطمعون في رحمة الله، ويرجون أن ينالوا صفحه بطريقة ما. صحيح أن الله يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. وقد أعرب الرب الإله عن إرادته هذه بالقول: «حَيٌّ أَنَا يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ ٱلشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ ٱلشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا» (حزقيال 33: 11) ولكن إن غفر الله للمذنب لكي يحيه روحياً، فيجب أن يكون هناك سبب كافٍ للغفران. وهذا الوجوب يملي علينا الحاجة إلى وسيط صلح، يكفر عنا خطايانا، ويلبسنا بره. لنظهر أمام الله، قديسين وبلا لوم في المحبة. وهذا الوسيط ينبغي أن يكون: إنساناً لا ملاكاً، لأن الوساطة حتمت أن يكون فادياً، يتألم ويموت نيابة عن الخطاة، ليزيل حكم الموت الأبدي، الذي حكم به عليهم، لسبب الخطية، التي قال الكتاب أن أجرتها موت. ولعله بوحي من هذه الحقيقة التي قال الرسول بولس: « فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ ٱلأَوْلاَدُ فِي ٱللَّحْمِ وَٱلدَّمِ ٱشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذٰلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِٱلْمَوْتِ ذَاكَ ٱلَّذِي لَهُ سُلْطَانُ ٱلْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولَئِكَ ٱلَّذِينَ خَوْفاً مِنَ ٱلْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعاً كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ ٱلْعُبُودِيَّةِ. لأَنَّهُ حَقّاً لَيْسَ يُمْسِكُ ٱلْمَلاَئِكَةَ، بَلْ يُمْسِكُ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ. مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيماً، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِيناً فِي مَا لِلّٰهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا ٱلشَّعْبِ. لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ ٱلْمُجَرَّبِينَ» (عبرانيين 2: 14-18). أن يكون بلا خطية. لأنه يستحيل أن يكون الفادي المخلص من الخطية خاطئاً. لأن الخاطئ لا يستطيع الدخول إلى أقداس الله، لكي يشفع في المذنبين. نقرأ أيضاً في الرسالة إلى العبرانيين: «لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هٰذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ ٱنْفَصَلَ عَنِ ٱلْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ ٱلَّذِي لَيْسَ لَهُ ٱضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا ٱلشَّعْبِ، لأَنَّهُ فَعَلَ هٰذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ. فَإِنَّ ٱلنَّامُوسَ يُقِيمُ أُنَاساً بِهِمْ ضَعْفٌ رُؤَسَاءَ كَهَنَةٍ. وَأَمَّا كَلِمَةُ ٱلْقَسَمِ ٱلَّتِي بَعْدَ ٱلنَّامُوسِ فَتُقِيمُ ٱبْناً مُكَمَّلاً إِلَى ٱلأَبَدِ» (عبرانيين 7: 26-28). أن يكون إلهاً. لأن الإنسان الاعتيادي لا يستطيع أن يبيد الشيطان، الذي سماه الكتاب المقدس رئيس هذا العالم (يوحنا 12: 21) وإله هذا الدهر (2كورنثوس 4: 4) لذلك استوجب أن يكون الوسيط شخصاً إلهياً، لينقذ البشر، الذي سباهم إبليس إلى ناموس الخطية والموت. وهذه الصفات الإلهية، لم تتوفر إلاّ في شخص الرب يسوع. وشكراً لله لأن يسوع قام بالوساطة، إذ تجسد وصُلب ولكي يصالحنا مع الله بدم صليبه. فصارت الكلمة الرسولية القائلة: «إِنَّ ٱللّٰهَ كَانَ فِي ٱلْمَسِيحِ مُصَالِحاً ٱلْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ» (2كورنثوس 5: 19) وبهذه «لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا» (أيوب 9: 33). وإذا أردت أدلة على أن المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والناس، فالكتابة المقدسة غنية بها جداً، ومنها: نص الكتاب الصريح: «لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلٰهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ: ٱلإِنْسَانُ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ ٱلْجَمِيعِ، ٱلشَّهَادَةُ فِي أَوْقَاتِهَاِ» (1تيموثاوس 2: 5 و6). قيام يسوع بكل ما تستلزمه الوساطة، في ما يختص بالكفارة والشفاعة، على الأرض وفي السماء. كما هو مكتوب: «إِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ ٱلآبِ، يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلْبَارُّ. وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ ٱلْعَالَمِ أَيْضاً» (1يوحنا 2: 1 و2)... «فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى ٱلتَّمَامِ ٱلَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى ٱللّٰهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ» (عبرانيين 7: 25). قيام يسوع بجميع ما يترتب على وساطته، إلى درجة الكمال. حتى أنه لم يبق وجه لدخول غيره في ذلك: «لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى ٱلأَبَدِ ٱلْمُقَدَّسِينَ» (عبرانيين 10: 14). كونه المخلص الوحيد المعيّن منذ الأزل. فقد جاء في سفر التكوين على لسان الرب الإله أن نسل المرأة يسحق رأس الحية إبليس الرجيم. ونسل المرأة هو يسوع المسيح. لأنه الوحيد الذي وُلد على أرضنا من الروح القدس ومن مريم العذراء (تكوين 3: 15). وبوحي من هذه الحقيقة قال الرسول: «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ ٱلْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ ٱسْمٌ آخَرُ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال الرسل 4: 12). نقرأ في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس هذه العبارات: «فَإِنَّ كَلِمَةَ ٱلصَّلِيبِ عِنْدَ ٱلْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ ٱلْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ ٱللّٰهِ» (1كورنثوس 1: 18) ومعنى هذه الآية أن البشارة بالصليب التي يحسبها غير المؤمنين جهالة وحماقة هي حكمة الله وقوة الله للخلاص. فالإله القدير يجدد بيسوع المصلوب الناس، ويقدسهم ويخلصهم إلى التمام. فإذا كلمة الصليب قوية وفعالة. وهي الكلمة التي كرز بها رسل المسيح في العالم. ويقيناً أن تعليم الصليب هو جوهر الإنجيل ورسالته إلى العالم. فقد قال الرسول بولس للكورنثيين: «وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ بِٱلإِنْجِيلِ ٱلَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلْتُمُوهُ، وَتَقُومُونَ فِيهِ، وَبِهِ أَيْضاً تَخْلُصُونَ، إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلاَمٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلاَّ إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثاً! فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي ٱلأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ ٱلْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ ٱلْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ حَسَبَ ٱلْكُتُبِ» (1كورنثوس 15: 1-4). وقال لهم أيضاً: «وَأَنَا لَمَّا أَتَيْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، أَتَيْتُ لَيْسَ بِسُمُوِّ ٱلْكَلاَمِ أَوِ ٱلْحِكْمَةِ مُنَادِياً لَكُمْ بِشَهَادَةِ ٱللّٰهِ، لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً» (1كورنثوس 2: 1 و2). فالمسيح حصل لنا على هذه الامتيازات كنتيجة لطاعته حتى الموت موت الصليب (فيلبي 2: 8). الواقع أن المسيح حمل في جسده خطايانا على الصليب. فتم ما قيل بإشعياء النبي: «أَمَّا ٱلرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِٱلْحُزْنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ وَمَسَرَّةُ ٱلرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي ٱلْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. لِذٰلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ ٱلأَعِزَّاءِ وَمَعَ ٱلْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي ٱلْمُذْنِبِينَ» (إشعياء 53: 10-12). |
|