اختار الرب اثنين وسبعين
صلاة البدء
منذ البداية وأنت تختار يا رب الأنبياء والحكماء. وفي آخر الأزمنة اخترت الرسل وأرسلتهم ليبشّروا بملكوت الله ويشفوا المرضى. وها أنت تختار اثنين وسبعين تلميذًا، ستّة من كل سبط من أسباط الشعب. وتختارنا نحن أيضًا وترسلنا اثنين اثنين. فأعطنا نعمتك لكي نكون على قدر المهمّة التي تعطينا.
قراءة النصّ
نقرأ لو 10: 1- 12
نتوقّف بعد القراءة ثلاث دقائق، ثم نطرح على نفوسنا الأسئلة التالية:
- الرب يقول لنا: الحصاد كثير والفعلة قليلون. فهل تحرّك كلمتُه في قلبي عاطفة المسؤوليّة معه عن نشر الملكوت؟
- دعانا يسوع إلى التجرّد في الرسالة. ما الذي يرهقنا فيمنعنا من الانطلاق في الرسالة إلى حيث يرسلنا؟
- فيسوع العامل يستحق أجرته. من يعطيه اياها؟ الرب؟ فهل نهتمّ نحن لأجسادنا ما نأكل ولأنفسنا ما نلبس؟ ما هي همومنا في رسالتنا؟
دراسة النصّ
وبعد ذلك. أي بعد الوحي عن يسوع الصاعد إلى أورشليم. اختار يسوع آخرين. بعد أن اختار الرسل الاثني عشر، اختار اثنين وسبعين تلميذًا (عدد الأسباط). وهناك نص يقول: سبعين تلميذًا. فإذا كانت أمم العالم سبعين أمّة، فالرب أرسل إلى كل أمّة تلميذًا ينادي باقتراب الملكوت. وتدل لفظة "الآخرين" أيضًا على الحصادين، وذلك بالنسبة إلى الزارع، بحسب كلام الرب: واحد يزرع وآخر يحصد (يو 4: 37). يسوع هو الذي زرع، والذي لا يزال يزرع. يلقي الحبّ في الأرض، ويلقيه بوفرة وهو ينتظر رغم الخسارة أن تثمر الأرض الطيبة ثلاثين وستين ومئة. هذا الحبّ ينمو وحده بقوّة الحياة التي جعلها الله فيه. فلا يبقى علينا سوى الحصاد.
أرسل التلاميذ، شأنهم شأن الرسل، إلى الحصاد، فعادوا فرحين (لو 10: 17) على ما يقول مز 126: من يذهب باكيًا وهو يحمل بذورًا للزرع، يرجع مرنّمًا وهو يحمل حزمه. هؤلاء التلاميذ أرسلهم يسوع أمامه عملهم يهيِّئ عمله في مجيئه الآن، كما في مجيئة الأخير. ولا تنسى أن الذي يختار ويرسل هو الربّ الذي أعطي كل سلطان في السماء والأرض.
تفرّد لوقا فحدّثنا عن إرسال يسوع تلاميذه إلى أمم العالم، ولا سيّما الوثنيّة. فجميع الأمم مدعوّة لسماع بشرى الملكوت التي لا تنحصر في شعب من الشعوب، أو في فئة من الفئات مهما علت قيمتها. فالجميع خلائق الله، وجميعهم مخلوقون على صورته ومثاله، لهذا فهو يدعو الناس كلهم، في كل مكان، إلى التوبة (أع 17: 30). أعطى البشر كلهم نسمة الحياة، وهو يطلب منهم جميعًا أن يطلبوه فيجدوه.
سيعود الربّ من أجل الحصاد الأخير. سيعود للدينونة، سيعود لكي يرى الشيطان يسقط من السماء مثل البرق. وهكذا يزول الشرّ. بانتظار ذلك لا يخاف التلاميذ ويد الربّ في يدهم. وهكذا يستبق التلاميذ في رسالتهم يوم الربّ الذي يأتي في نهاية الأزمنة. فيا لسعادتهم إن ساروا بحسب تعليمات المعلّم. يدخلون إلى البيوت يحملون إليها السلام. وكذلك المدن. سلام في الحياة الخاصة، في الحياة العائليّة. وسلام في الحياة العامة، في المجتمعات. فسلام المسيح يُرسل إلى جميع البشر منذ مولده. يُرسل من السماء. ونحن التلاميذ نحمله في خطى الرعاة الذين جاؤوا إلى بيت لحم. فأيّة هديّة تساوي هذه الهدية. ولكن الويل ثم الويل لمن يرفض عطايا الله. فسيكون الخاسر الأكبر. أما الرسول فيترك ذاك البيت وتلك المدينة، وينطلق إلى مكان آخر. هكذا فعل يسوع فذهب يبشّر في الأماكن الأخرى، وفي خطاه يسير تلاميذه.
التأمّل
بعد صمت عشر دقائق، نتأمّل في هؤلاء التلاميذ الذين أرسلهم يسوع في مرحلة أولى إلى القريبين منهم، ثم إلى البعيدين. ونفهم شروط يسوع لكي نكون بدورنا تلاميذ نتابع عمله في العالم.
المناجاة
نعيد قراءة النصّ، ونشارك التلاميذ فرحتهم في هذا الرسالة التي تقتلعهم من محيطهم اليومي وترسلهم. ونفهم أن يسوع وعدنا بأننا سنصنع مثل أعماله، بل سنصنع أعظم منها. هو الزارع ونحن الحصّادون. ويده في يدنا.
تأوين النصّ
في مرحلة أولى، ساعد التلاميذ يسوع. ساروا أمامه، هيأوا له الطريق. هذا ما نجده في الإنجيل الثالث. ونرافق في أعمال الرسل حاملي البشارة في العالم اليهودي (مع بطرس) كما في العالم اليوناني (مع اسطفانس). لدى السامريين (مع فيلبس) ولدى الوثنيين (مع بولس والفريق الرسولي الذي يرافقه). واليوم، ما زال المرسلون يحملون الإنجيل وبشارة السلام، لا إلى الذين لم يسمعوا بعد بالإنجيل، بل إلى أناس تعمّدوا ولكنهم نسوا عمادهم، بل نسوا الله وعاشوا معتبرين أن الله غير موجود. فتوقّفوا عند الطعام والشراب، توقّفوا عند الطعام الفاني، ونسوا طعام الحياة الأبدية.
صلاة الختام
حصادك كثير يا رب، وعمّالك قليلون. فأرسل عملة لحصادك. وإن شئتَ فاختر منّا من تشاء وأرسله. فنحن مستعدون رغم ضعفنا وعجزنا