نحتفي بك،، أبونا الراهب سارافيم البرموسي
نحتفي بك،،
يا من حاصرتك ظلمة الفساد ليالٍ طوال وكأنّها ممتزجة بسوادٍ بشرةٍ وكأنّ المصير بلون الحياة!
نحتفي بك،،
يا من استطعت أن تفتضح زيف الظلمة وتمزّق قناعها الهشّ لتتنسّم نور الحياة الجديدة ليغتسل القلب ويصير أبيضَ من نصوع الثلوج على سفوح الجبال.
نحتفي بك،،
يا من استطاع أن يمزّق كفن العالم الذي أراد أن يحاصر روحه في ليالٍ غاب عنها قمر الضياء وكأنّ الفجر ليس له مكانٍ في سماء تلك الروح المكبّلة.
نحتفي بك،،
يا من بحث عن ماء الجداول النقي ولم تَرُق له كؤوسٍ مرمريّةٍ ولكن بها مياه الآبار العكرة بالشهوات.
نحتفي بك،،
يا من سمع دبيب الروح الحبيسة في أعماقه القصيّة، وفتح لها طاقة من وجدان البحث، لتفرد جناجيها على أنغام الحقّ العلوي.
نحتفي بك،،
يا من كسّر همهمات الأصداء الزائفة التي طالما حاولت أن تعود به إلى ديار القبور الأولى.
نحتفي بك،،
يا من ارتدى رثّ الثياب واكتفى بجلباب، وهو يتزيّن كلّ يومٍ بثوب البرّ المزركش بفضائل الروح الوديع الهادئ.
نحتفي بك،،
يا من صار ماهرًا في فن الإصغاء لنداءات الروح وإرشادات المرتحلين على الدرب فصار صوتًا على دروب نغم الحقيقة.
نحتفي بك،،
يا من استقبل البذار على حقلٍ امتلأ بالأشواك، ولكنّه وصل أيامه بلياليه في انتزاع جذور الأشواك لترى البذار شمس البرّ وتأتي بالشفاء على جناحيها.
نحتفي بك،،
يا من ذاق من خمر الحبّ الفائض من قنينة الروح في ليال الصلاة، فنسى مذاقات الخمور التي طالما غيّبته عن إنسانيّته ووحّدته ببهيميته في القدم.
نحتفي بك،،
يا من رفع عيناه إلى جبل المعونة حينما كانت طبول الحرب تدوّي في براري القتال غير المنظور ومن هناك ارتشف من ندى النعمة قدرات صمودٍ ولم يفارق أرض المعركة الحامية الوطيس.
نحتفي بك،،
يا من ترك دفوف الغربة على أنهار بابل القديمة ليحتفي مع الجمع المسبّح على قيثارات أورشليم الجديدة.
نحتفي بك،،
يا من روّض الغضب بالصبر، وهذّب الضجر بالرجاء، وجمّل الألم باسم الخلاص الذي ليسوع الحبّ.
نحتفي بك،،
يا من اشتاق إلى النور فوضع عنقه تحت نصال سيف بربري، وفي صمتٍ وشوقٍ فارق عالمنا ليولد في عالم آخر.
نحتفي بك إذ زيّنت بستان الكنيسة برائحة زكيّة فوّاحة بعطور البذل
ورسمت ببسمات وجهك الوديع لوحة من المسيحيّة الحقّة بألوان لن يعتريها تغيّر إذ تثبّتت إلى النهاية حتى امتزجت بدماء الحبّ..
يا أبانا القديسّ موسى القوي،
اذكرنا واذكر بلادنا..
أمين..