نظر إليه وهو أمام بيلاطس وهو يستحثه على أن يتكلم قائلاً له: «من أين أنت؟»، غير أن الكتاب يذكر لنا صراحة «وأما يسوع فلم يعطه جوابًا» (يو19 : 9). حتى أن بيلاطس قال له بعد ذلك بغضبٍ: «أما تُكلمني؟!» (يو19: 10).
وانظر إليه وهو أمام هيرودس الدنس، عندما «سأله بكلام كثير»، آملاً أن يرى آية تُصنع منه، غير أن الكتاب يذكر أيضًا «فلم يجبه بشيء» (لو 8:23، 9). رغم أن الكهنة والكتبة كانوا «يشتكون عليه باشتداد». الأمر الذي جعل هيرودس يحتقره مع عسكره (لو23: 10، 11).
وانظر إليه أيضًا وهو محاط بمجموعة من العسكر الذين كانوا يهزأون ويسخرون به، وانطبقت عليه الكلمات: «صرت لهم مثلاً. يتكلَّم فيَّ الجالسون في الباب وأغاني شرَّابي المسكر» (مز69: 11، 12). وكلمات إشعياء النبي «ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه. كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه!!» (إش53 : 7).
لقد تُرك من أحبائه وتلاميذه، الذين هربوا، وها هو وسط الأعداء يُعبِّر عن مشاعره الحزينة بصمت بليغ عميق. فما أحلاه إذا تكلم، وما أمجده إذا صمت، فإنه في صمته يتكلم بشكل أعمق إلى الضمائر ويحركها.