ملائكة للخدمة:
† وهناك ملائكة للخدمة يقول عنهم الكتاب: "الذين أرسلوا للخدمة، لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص"، ونص الآية هو: "أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحًا خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ" (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 1: 14).
وهنا يوجد شيء جميل جدًا أود أن أذكركم به، فمع أن الكروبيم والسرافيم مخصصين للتسبيح إلا أن أشعياء النبي عندما رآهم أمام العرش الإلهي يسبحون ويقولون "قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ" (سفر إشعياء 6: 3)، قال: "ويل لي قد هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأعيش وسط شعب نجس الشفتين"، ونص الآية هو: "وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ، وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ" (سفر إشعياء 6: 5). والكتاب يقول لنا أنه: بمجرد أن نطق أشعياء بذلك، ترك السرافيم التسبيح وأخذ جمرة من على المذبح ومسَّ شفتيه وقال له: "أنت الآن قد طهرت" ، ونص الآية هو: "إِنَّ هذِهِ قَدْ مَسَّتْ شَفَتَيْكَ، فَانْتُزِعَ إِثْمُكَ، وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ". أي لم يستطع السرافيم أن يحتمل أن يقول إنسان عن نفسه "لقد هلكت" فهب لإنقاذه وكأن السرافيم يقول له: "وهل من الممكن أن نتركك تهلك؟! بالتأكيد هذا لن يحدث". أي حتى ملاك التسبيح ترك التسبيح لينقذ الإنسان من هلاكه. وهذه هي شهامة الملائكة.
وهذه القصة ذكرتني بقصة حدثت في الماضي لراهب كان عليه الوقوف على باب الدير لخدمة الناس والفقراء والمساكين الذين يزورون الدير ولكنه في أحد المرات رأى رؤيا للسيد المسيح وكان في غاية الاستمتاع بهذه الرؤيا ثم سمع أصوات الفقراء في الخارج فاضطرب ووقع في حيرة هل يترك المسيح ويذهب للفقراء يسد حاجتهم؟! أم يظل مع المسيح ويتركهم؟! ولكن قلبه العطوف جعله يخرج للفقراء لخدمتهم وإعطاءهم احتياجاتهم وعندما رجع وجد المسيح ينتظره قائلًا: "لو لم تخرج لتساعدهم كنت سأتركك وأذهب لمساعدتهم." وهذه هي الشهامة.