|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل يوجد شر؟ + الراهب القمص بطرس البراموسي
كلَّما مرَّت بنا السنين وتقدمت بنا الأيام، وحيينا يومًا جديدًا أعطاه الله لنا كهبة مجانية مُنعِمًا علينا به، لا نرى استخدامًا حسنًا لما يعطيه الله لنا. فالإنسان يميل بطبعه إلى الشر وإلى المعصية، وهذا ما تأسَّف الله عليه بأن عمل الإنسان. ففي خلقه الإنسان في اليوم السادس نرى الرب الإله الجابِل له من التراب بعد أن خلقه يقول: "فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.. وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا" (تم 1: 27، 31). وبعد طردهُ من الجنة وتوقيع العقوبة عليه، لم يرتدِع ولم يتوب ولم يرجع عن كل أفعاله الرديئة، ولكنه ظل يتمادى في الشر وكَسْر الوصية والمعصية: "فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ. فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ" (تك 3: 4-7)، إلى الغيرة والجسد والكراهية: فقتل قايين أخوه هابيل بالجسد، ولم يفكر في الأمر قبل أن يصنعه، في حين أن السبب كان واضحًا أمام عينيه -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- بأن الرب قبل ذبيحة أخيه ورفض ذبيحته: "وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَيَّامٍ أَنَّ قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدًّا وَسَقَطَ وَجْهُهُ.. وَكَلَّمَ قَايِينُ هَابِيلَ أَخَاهُ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ" (تك 4: 3-5، 8). والعجيب أنه بدلًا من أن ينظر الإنسان إلى خطأه (قايين)، ويحاول تدارُك الأسباب وإصلاح ما وقع فيه من أخطاء، يتولَّد داخله غيظًا وكراهية وبُغضة شديدة حتى إلى أقرب الناس إليه (أخيه)، ويكون الإنسان الصالح الذي سيسلك حسب وصايا الله (هابيل) هو ضحية شر الشرير المتملِّك عليه الأهواء الرديئة والخطايا المميتة. وما أكثر قايين وهابيل في هذه الأيام الرديئة التي نحيا ففيها. وتزايد الإنسان في شرّه وبُعده عن الله ومسلكه ضد مشيئة وإرادة الله، حتى أن الله اضطر إلى التفكير في محوه من على الأرض التي خُلِقَ لكي يتمتَّع بها ويُحسن استخدام كل ما بها، لأن الله أعطاه السلطان عليها.. وأن يتأسَّف أنه خلق الإنسان من الأصل: "وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ. فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ، الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ، لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ»" (تم 6: 5-7). ولم يرتدع الإنسان من كل ما حدث، وأن الله محى عن وجه الأرض كل كائن حي ما عدا ما بداخل فُلك نوح والكائنات البحرية. واستمر الإنسان في شره، بل وأصبح في ازدياد يومًا بعد يوم، ومن سلوك رديء إلى وحشية وانتقام، وانطبق عليه قول السيد المسيح: "أَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ" (متى 10: 36). فأصبح بين الدول حروب ومجازر وقتلى بالآلاف من كل الأعمار، وتفانى البعض في استحداث أسلحة الدمار الشامل، أو بين الهيئات نجد دسائس وخصومات، حتى الهيئات الكنسية التي كان يجب أن تترفَّع عن هذت السلوك الرديء وتعيش بالسلوك الروحي الذي يقود الشعب إلى التوبة والحياة المقدسة مع المسيح، يتسلَّل إلى المجال الروحي كل ما هو عالمي من دسائس ومكيدة وحقد وكذب ومؤامرات لهدم كل ما هو مبني وقائم.. وفي البيت الواحد نجد الأحقاد والمُنازعات، ويتولَّد في القلب ظُلمة وأدناس تُظلم حياة الإنسان وتحجب عمل الروح القدس داخله، فيعيش في ظلام الشر وقيوده، ويزداد في حياة الأسرة الواحدة.. وهكذا تتلوَّث الحواس بالمطامع والشهوات، ويكون بين الجسد الواحد الظلم والاعتداء البدني والمعنوي، فيحدث جُرحًا مميتًا دائم النزف بسبب كثرة الشرور التي تجتاح العالم. والإنسان هو المُسَبِّب الرئيسي فيها، لأنه قد يرى في الشر سطوة وقوة، ولكن الله ينظر إليه في أسى ويقول له: إنك لا تعلم أنني أستطيع إفناءك في هذه اللحظة عن وجه الأرض، ولكن محبتي لك تجعلني أعطيك فرصًا كثيرة للتوبة!! |
27 - 11 - 2021, 09:46 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الشـــــــــــــــــــــــــــــــــر
مَنْ خلق الشر؟
برؤيتنا القريبة من الواقع، نلاحظ ازدياد الشر في العالم كل يوم عن سابقه، في كافة المجالات والمناحي العالمية: في العمل، في المجتمع، في الأسرة، في الخدمة، في المجالات العلمية والاجتماعية والروحية.. في كل مكان وكل زمان يأتي بعض ممن يرغبون في حياة الشر لكي يعكروا صفو الحياة والمجتمعات والأُسَر وما إلى ذلك.. ومن هنا يتبادَر على أذهان البعض: لا يوجد شيء من الخيال، ولكل شيء أصل للوجود.. فَمَنْ خلق الشر؟ إن كان الله، فكيف يخلق القدوس شرًّا؟! وإن كان غير الله، فهل كان للعالم خالِق غير الله؟ فكلا الافتراضين خاطئ في منطقهُ وأسلوبه. فكلام الفلاسفة والمتفلسفين في سرد حقائق خيالية أو افتراضات واهية قد أضاع البعض، وأودى بهم إلى الإلحاد وإنكار وجود الله بسبب كثرة الشر وانتشاره. وكيف في حالة وجود الله الضابط الكل والخالق للكون أن يترك الشر يستمر، بل ويزداد..؟! وما إلى ذلك من الأسئلة التشكيكيَّة التي تتعب أذهان البعض في هذه الأيام. ولكن دعني أترك هذا الجانب وأجنح نحو الجانب الكتابي مرجعنا الأساسي: "وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا" (تك 1: 31). إذًا، فخليقة الله كلها حسنة، بل كلها حسنة جدًا. إذًا لم يخلق الله شرًّا، فمن أين أتى الشر؟! وللإجابة على هذا السؤال لابد لنا أن نتعرَّض أولًا إلى موضوع يتعلَّق به، ولا نستطيع أن نحل مشكلتنا هذه إلا من خلاله وفهمه فهمًا جيِّدًا؛ ألا وهو: حرية إرادة الإنسان. حرية إرادة الإنسان فلم يخلق الله الإنسان آلة صمًّاء، وُضِعَت في يد القدر ككرة يتقاذفها اللاعبون، أو تقع في يدهم بدون أدنى إرادة أو اعتراض أو موافقة. وليس الإنسان مجرد مُنَفِّذ لغرائزه فقط كالحيوان، بل خُلِقَ الإنسان إنسانًا عاقلًا، حُرًّا، مُريدًا. وما يؤكد ذلك ما ذُكِرَ في سفر يشوع بن سيراخ: "صَنَعَ الإِنْسَانَ فِي الْبَدْءِ، وَتَرَكَهُ فِي يَدِ اخْتِيَارِهِ" (سي 15: 14). ولا يمكن أن يكون الله الكلي القداسة علَّة الشر أو الموحي إلى الشرير بارتكاب جرائمه وشروره وتماديه فيها، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر.. لذلك قيل بنفس السفر: "لَمْ يُوصِ أَحَداً أَنْ يُنَافِقَ، وَلاَ أَذِنَ لأَحَدٍ أَنْ يَخْطَأَ" (سي 15: 21)، بل ترك الله الإنسان لحريته وإرادتهُ التي خُلِقَ على صورة الله بها. صحيح أن الإنسان لا يستطيع أن يكون صالحًا بذاته بل بنعمة الله ومعونتهُ، ولكن نعمة الله نفسها لا تُعْطَى لشخص ولا تُمنَع عن شخص آخر، وإلا يُتهم الله بالظلم والتفرقة بين خلقته -وحاشا لله عن ذلك- وإنما عمل النعمة أو عدمه يعتمد على الشخص نفسه الذي يهيئ أرضه لنموّ البذرة متى عُرِسَت بها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ففي سفر الحكمة يقول: "عَلَى السَّوَاءِ.. عِنَايَتُهُ تَعُمُّ الْجَمِيعَ" (حك 6: 8). وعن ذلك يقول القديس ديونيسيوس البطريرك الرابع عشر من تعداد بطاركة الإسكندرية: "كما أن شمسنا تنير كل ما يقبل الاشتراك في نورها بغير قياسٍ أو انتخاب، بل بوجودها كذلك الخير الإلهي أيضاً يفيض بذاته أشعة خيريته على جميع الموجودات". والكتاب يقول: "الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ" (1 تي 2: 4). إذًا، فهناك إرادتان متمايزتان: إرادة الله وإرادة الإنسان، وهذا ما يبدو صريحًا وواضحًا في قول رب المجد: "يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ..! كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ.. وَلَمْ تُرِيدُوا" (متى 23: 37؛ لو 13: 34).. وهنا نجد إرادتنا متضادتان: إرادة الله - إرادة الإنسان. ومن ثم نستخلص أن الشر لم يصنعهُ الله، ولكن غياب الخير والبر والتقوى والقداسة والنمو الروحي للبشر (للإنسان) يعني وجود الشر بكثرة.. الإنسان عندما يبتعد عن الأسرار والإنجيل والممارسات الروحية، فإنه يُسَلِّم نفسه لأهوائه الشخصية، فيتملَّك الشيطان منه تَمَلُّكًا كاملًا، فيجعله يفعل ما لا يحق له، وما لا يُعْقَل فِعله، فيزداد الشر وينحصر الخير في البعض القليل، فينظر في مرآة قاتِمة لا تُرينا إلا الشرور المتزايدة. وقد يضعف إيمان البعض، ولكن الله لا يتخلَّى عن الإنسان، ولا "يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ" (أع 14: 17). |
||||
27 - 11 - 2021, 09:47 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الشــــ+++ــــــــر
الشر غريزة أم صفة مُكتسبة؟
من المُلاحَظ أن الإنسان مُعرَّض لمؤثرات خارجية عديدة، ويحاربه الشيطان والجسد والعالم، فيقف أمام عدة أعداء، فهل في ذلك ما يتنافَى مع القول بحرية إرادة الإنسان؟ ليس الإنسان مجرد روح بل أنه جسد أيضًا، ولهذا الجسد طبيعته وغرائزه التي لا تموت، والإنسان خاضع لهذه الغرائز منذ مولِده حتى يوم مماته؛ فالإنسان أسير غرائزه التي تُسَيِّره، فكيف نقول بحرية الإنسان وهو أسير جسده؟ قد يبدو هذا الاعتراض وجيهًا عند مَنْ لم يعرف معنى الغريزة ولم يفهم علاقة الجسد بالروح. ليس الجسد والروح في الإنسان منفصلين، بل هما وحدة متآزرة. فغريزة الجسد قوة لا ننكرها، ولكن توجيهها واستخدامها في يد الروح والإرادة. ففي الإنسان مثلًا غريزة حب الامتلاك، ولكن ليس من الضروري أن يسرق الإنسان كل ما تقع عليه يده ليمتلكه بدافع هذه الغريزة، بل أن الإنسان بإرادة الحرية المُريدة يستخدم هذه الغريزة ليمتلك ما ينبغي فقط أن يمتلك. وفي الحقيقة نرى أن الله قد وضع في الإنسان غريزة حب الامتلاك التي لا تشبع، لكي يسعى بها إلى امتلاك الوجود بأسره في الله. أي أن يتحِد بالله ليمتلك فيه الوجود كله. وهكذا في كل الغرائز نرى أن الجسد بغرائزه وطبائعه آلة توجهها الإرادة حسبما تشاء. وهنا يقول ابن سيراخ: "هُوَ صَنَعَ الإِنْسَانَ فِي الْبَدْءِ، وَتَرَكَهُ فِي يَدِ اخْتِيَارِهِ، وَأَضَافَ إِلَى ذلِكَ وَصَايَاهُ وَأَوَامِرَهُ. فَإِنْ شِئْتَ، حَفِظْتَ الْوَصَايَا وَوَفَّيْتَ مَرْضَاتَهُ. وَعَرَضَ لَكَ النَّارَ وَالْمَاءَ؛ فَتَمُدُّ يَدَكَ إِلَى مَا شِئْتَ" (سي 15: 14-17). هنا ونعود إلى مشكلة وجود الشر في العالم، فنقول أن كل ما عمل الله حسنٌ جدًا، إذًا، فمن أين أتى الشر؟ بل وهل الشر غريزة أم رغبة داخلية أم صفحة مُكتسبة؟ نقول: بينما إرادة الله غير المحدودة تستطيع أن تخلق أشياء صالحة بعد عدم، إذ بإرادة الإنسان المحدودة تستطيع أن تصنع أو تخلق -لو جاز التعبير- أشياء لا بعد عدم بل ما مما هو كائن، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فالإنسان يستطيع أن يخلق (يوجِد) من الأشياء الصالحة الموجود شرًّا؛ بأن يضع الأشياء في غير موضعها. خُذ مثلًا جريمة القتل، فتلك المادة التي صُنِعَت منها السكين صالحة ونافعة، وكذلك السكين نفسها يمكن أن نستخدمها في أعمال واحتياجات صالحة كثيرة، ولكن بمبدأ تحويل الخير إلى شر، تتحوَّل هذه الأداة من دورها المفيد الفعال إلى وسيلة للقتل والنحر والجريمة والتعذيب، فيتحوَّل الخير إلى شر بواسطة الاستخدام السيئ للإنسان الذي يسعى نحو الشر. والحرية التي أعطاها الله إيانا هي صالحة لكي نوجهه بها غرائزنا وأفعالنا وجهة نافعة. فعناصر الجريمة -أعني السكين والغريزة والحرية- هي في حد ذاتها أدوات صالحة، أما الشر في استخدام الإنسان الغريزة لمكافحة أخيه، كأن بقاء وبقاء أخيه متعارضان! واستخدام الحرية واستخدام السكين لتحقيق هذه الغريزة في غير ما يقصد الله منها. وعلى هذا النحو يخلق الإنسان من الغريزة الجنسية السامية زِنى، ومن حب الامتلاك سرقة ونهبًا، ومن حب السيطرة على الوجود سيطرة على الناس وظُلمًا، ويعتبر وزوجته وأولاده أشياء يمتلكها امتلاكًا مريضًا، فيذل فيهم ويتعامل معهم بقسوة وعنف، ويسعى جاهِدًا أن يمحو شخصياتهم وكياتهم، ويمتلك كل ما عندهم، ويعطيهم القليل من الكلام والاحترام والمأكل والمشرب بواقع أنهم ملكه الخاص، ويتحوَّل الإنسان إلى شيء يُحْمَل ويوضَع في من مكان لآخر دون إرادته، فتُلغى كياناته ومشاعره ويُعامل بقسوة وتَجَبُّر. هذا العنف الأسري الذي نراه ونلحظه في تزايد سريع وطرق عجيبة تساعد على الانهيار والتفكك والشكوى أمام القضاء بالمحاكم، وعدم الخضوع إلى الكنيسة والنُّصح الروحي. فكثرة الضغوط من طرف لآخر يجعله يصل إلى مرحلة الانفجار، وينشئ الأولاد في أُسَر منهارة كيانيًّا وأخلاقيًّا، مما يؤثِّر عليهم بالسلب، ويتحوَّل الزواج -"هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ" (أف 5: 32)- إلى سجن وجحيم، يتوق أحد أطرافه إلى يوم الإفراج منه، والخروج من دائرة إذلاله، فتتحوَّل الفضيلة إلى رذيلة، وتتحوَّل غريزة الامتلاك إلى مرض الملكية وإلغاء الآخر، ويكتسب الشخص خبرات سيئة من أصحاب السوء والمُعاشرات الرديئة، فيزداد الإنسان شرًّا كل يوم عن سابقه، وينسى يوم مغادرته هذا العالم، هل سيصبح ذِكرى عطرة أم اسمًا تطنّ الأذن عند سماعها إياه، وهرب أسرته وأقرب الناس إليه من ذِكر اسمه وسماع كلمة عنه. |
||||
27 - 11 - 2021, 09:59 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: الشـــــــــــــــــــــــــــــــــر
ميرسى على العظة الجميلة ربنا يفرح قلبك |
||||
27 - 11 - 2021, 10:47 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الشـــــــــــــــــــــــــــــــــر
شكرا جدا جدا
الرب يبارككم |
||||
28 - 11 - 2021, 10:50 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الشـــــــــــــــــــــــــــــــــر
موضوع مميز ربنا يباركك |
||||
28 - 11 - 2021, 09:00 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الشـــــــــــــــــــــــــــــــــر
مرور فى منتهى الروعه ربنا يفرح قلبك |
||||