|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إن زادَ الغنى فلا تضعوا عليهِ قلبًا ( مز 62: 10 ) إن زادَ الغنى فلا تضعوا عليهِ قلبًا ( مز 62: 10 ) لا ننكر أن الكنوز على الأرض هنا لها بريقها الذي لا يُقاوَم، فكيف يمكننا التغلُّب على إغراءاتها، لا سيما ونحن في عالم طغَت فيه الماديات على كل شيء آخر، وأصبحنا في زمن غير عادي أمام إغراء الجديد من المخترعات في كل يوم؟! ها المسيح هنا يساعدنا في الاختيار، وذلك بأن يجعلنا بالإيمان نرى حقيقة الأشياء، فلا نُخدَع بظواهـر الأمور. تمامًا كما أن موسى «حسب عار المسيح غنىً أعظم من خزائن مصر»، وعرف أنه حتى ولو كان في مصر تمتع، فإنه «تمتع وقتي» ( عب 11: 24 - 26). لكن تُرى، ماذا كان المسيح يقصد بالكنوز على الأرض؟ بدايةً نقول: إنه لا يوجد خطأ في أن يكون للمسيحي ممتلكات، فالمسيحية لا تمنع الملكية الفردية، ولا يوجد خطأ في أن يفكر المرء في المستقبل، فالكتاب يمتدح النملة التي تجمع في موسم الصيف ما ينفعها في الشتاء، حيث يتعذر عليها أن تخرج لتجمع قوتها ( أم 6: 6 - 8؛ 30: 24، 25)، بل ويذكر صراحةً أن على الآباء أن يذخَروا لأجل الأولاد ( 2كو 12: 14 ). بل وليس العيب أيضًا في أن نتمتع بخليقة الله «الذي يمنحنا كل شيء بغنًى للتمتع» ( 1تي 6: 17 ). فما إذًا هذا الذي يُحذرنا منه الرب؟ يُمكننا مبدئيًا أن نُعرِّف الكنوز بأنها الثروة المُكدَّسة والزائدة عن الحاجة. والأموال إذا زادت قد تتحول إلى صنم يستهوي القلب فيتعلَّق به. ولهذا جاءت كلمات داود: «إن زادَ الغنى فلا تضعوا عليهِ قلبًا» ( مز 62: 10 ). الخطأ الذي يُحذرنا الرب منه إذًا هو أن تُصبح الكنوز هدفًا لا وسيلة لهدف أسمى، وتُصبح سيدًا لا خادمًا. ولذلك، فليس غريبًا أن يتحدَّث المسيح بعد ذلك عن السيد وخدمته (ع24). تُرى مَن هو سيدنا؟ هل هو الله أم هي الأموال والممتلكات؟ لكننا نقول أيضًا: إن الكنز لا يعني الأموال فحسب، أو الممتلكات فقط، بل يُمكننا أن نُعمِّم المعنى، ليشمل كل ما هو ثمين في نظر الإنسان؛ الصيت الذائع، أو المظهر الجذاب، أو المواهب الخارقة. وعليه فليست محبة المال هي وحدها المشكلة، بل هناك أيضًا محبة المجد الباطل. إنه بالإجمال الشيء الذي لأجله نعيش. تُرى لأي شيء نحن نوقف عمرنا؟ ولأي هدف نقضي حياتنا؟ والمسيح لا يقصد فقط مكان الكنز، بل أيضًا نوعه. فالكنز الذي على الأرض هو كنز أرضي، وبالتالي فهو وقتي وعرضي، بل إنه في النهاية زائل. ولهذا يُحذرنا المسيح من أن تكون كنوزنا على الأرض. |
|