*لقد أوضح هو نفسه أيضًا هذا وأظهر لنا المعنى الذي يقصده بقوله: "فكل من سمع من الآب وتعلم يقبل إليّ"، أضاف للفور ما يمكننا أن نفهمه: "ليس أن أحدًا رأى الآب إلا الذي من اللَّه، هذا قد رأى الآب" .
ما هذا الذي يقوله؟ أنا أرى الآب، وأنتم لا ترونه، ومع هذا فأنتم لا تأتوا إليّ ما لم يجتذبكم الآب. وما هو اجتذاب الآب لكم سوى أنكم تتعلمون من الآب؟ وماذا تتعلمون من الآب إلا أن تسمعوا عنه؟ ماذا تسمعون عنه إلا أن تسمعوا كلمة الآب، أي تسمعون مني؟ في هذه الحالة عندما أقول: "كل من سمع من الآب وتعلم" يلزمكم أن تقولوا داخل أنفسكم: لكننا لم نرَ الآب قط، فكيف نسمع منه؟ اسمعوا مني، فإنه "ليس أن أحدًا رأى الآب إلا الذي من اللَّه، هذا قد رأى الآب". أنا أعرف الآب، أنا من الآب، ولكن بكوني الكلمة التي منه، ليس الكلمة التي تعطي صوتًا وتعبر، بل الكلمة الذي يبقى مع المتكلم ويجتذب السامع.
القديس أغسطينوس