كان يؤمن أن "مسيحيًا بغير معرفة الكتب المقدسة -العهدين- كعامل بغير أدوات"... مهتمًا بشرح العهد القديم في صورة جادة، بكون دراسته أفضل السبل للرقي في الحياة المسيحية. والتطرق إلى العهد القديم، أمر له خطورته في ذلك الحين، فكما شرح القديس بنفسه في كتابه الرابع من مقال الكهنوت(55) حين تعرض للكاهن وهو يتأهب لحرب متعددة الجوانب والجبهات، فقد قال "الذي يشهر سيفه بغير خبره يجرح نفسه بسيفه فيصير أضحوكة بين أصدقائه كما بين أعدائه". ولكي أُوضح قولي هذا أذكر مثال أولئك الذين يتقبلون تعاليم مارفيون وفالنتينوس الغريبة، فإن جميع المرضى بتعاليم أمثال هذين المبتدعين يُسقطون الشريعة التي سلمها الله لموسى من قائمة الكتب المقدسة. أما اليهود فيقدسون هذه الشريعة (تقديسًا حرفيًا)، حتى بعد أن جاء الزمن الذي أُبطلت فيه، ولا يزالون يتمسكون بكل ما جاء فيها مخالفين إرادة الله. أما كنيسة الله فتنتهج مسلكًا وسطًا لتجنب المتطرفين، فلا هي تخضع تحت نير الناموس ولا هي تحتقره أو تنقص من قدره، بل توصى به برغم انقضاء عهده بكونه نافعًا...
حري بالذي يناضل العدوين(56) أن يسلك الطريق الوسط، فإن انتقد اليهود لتمسكهم بالناموس القديم يسقط في خطأ جسيم إذ يعطي فرصة للهراطقة الذين يرغبون في تمزيق الناموس، وإن سعى في حماسه إلى إفهام الهراطقة ممجدًا الناموس بإفراط ومتحدثًا عنه بإعجاب بكونه مفيدًا في الوقت الحاضر يعطي فرصة لليهود".